لا يزال العشرات من الأشخاص في عداد المفقودين في بيروت بعد ثلاثة أيام على وقوع انفجار ضخم في المرفأ، أدى لمقتل ما لا يقلّ عن 149 شخصاً وإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين بجروح، وأحدث دماراً هائلا في الممتلكات العامة والخاصة.
من بين هؤلاء المفقودين غسان حصروتي، الذي يعمل في إهراءات القمح في المرفأ، وحتى الآن تنتظر عائلته جواباً عن مصيره دون أن تفقد الأمل بالعثور عليه.
غسان (59 عاماً) الأب لثلاث بنات وشاب وحيد، يعمل في مرفأ بيروت منذ 38 عاماً. كان من المُفترض أن ينتهي دوامه الرسمي عند الثالثة بعد ظهر الثلاثاء، إلا أنه وبسبب وصول باخرة محمّلة بالبضائع إلى المرفأ بقي في مكتبه من أجل الإشراف على تفريغ حمولتها، فكانت المأساة.
وناشد ابنه إيلي حصروتي عبر “العربية.نت” المسؤولين المعنيين لكشف مصير والده سريعاً”.
حملنا صورته وركضنا
ويروي إيلي ما حصل معه في اللحظات الأولى للكارثة التي هشمت وجه بيروت، “عندما دوى الانفجار توزّعنا أنا وشقيقاتي على المستشفيات المحيطة بمرفأ بيروت حاملين صورة والدي نسأل الأطباء والممرضات إذا كان موجوداً عندهم”.
بعد ساعات من التنقّل بين المستشفيات أُبلغ إيلي من زملاء والده في الإهراءات أنه قد يكون في المبنى المؤلّف من طابقين في المرفأ إلى جانب 7 آخرين، وأنه يوجد في هذا المبنى “دهاليز” مدعّمة بباطون مسلّح تم إنشاؤها أيام الحرب الأهلية في العام 1975 كان يختبئ بداخلها الموظفون هرباً من القذائف والنيران التي كانت تطال المرفأ.
في دهاليز الإهراءات
التقط ايلي أنفاسه بعد سماع هذه الأخبار من زملاء والده وشكّلت بارقة أمل بالعثور عليه.
“بتّ متأكداً أن والدي وزملاءه موجودون في هذه “الدهاليز”، يقول ايلي، “لأن الثواني القليلة بين الانفجار الأوّل والثاني كانت كافية بأن يتركوا مكاتبهم وينزلوا إلى تلك الدهاليز التي لا تبعد سوى بضعة أمتار قليلة عنهم”.
وشدد على ضرورة “أن تبدأ فرق الإنقاذ بالبحث من نقطة “الدهاليز”، لأنني متأكد أن والدي ورفاقه هناك”.
المفقود غسان حصروتي
لم يتجاوبوا معي!
وعلى رغم تأكد ايلي من أن والده في دهاليز الإهراءات، إلا أن الذين يقومون بأعمال البحث عن المفقودين لم يتجاوبوا معه. وقال بحرقة “لماذا كل هذا التأخير؟ ولماذا يريدون القضاء على أملنا بإنقاذهم؟ كل ثانية من التفتيش الجدّي قد تُنقذ حياة والدي وآخرين لا يزالون تحت أنقاض المرفأ”.
لم يوفّر الشاب المقهور وسيلة لمعرفة مكان والده. توجّه برسالة عبر صفحته على موقع “تويتر” ناشد فيها المعنيين كشف مصير والده عصام حصروتي. وتواصل مع جهات عليا في الدولة اللبنانية طالباً منها التحرّك سريعاً، لكن الجواب كان ألا قرار حتى الآن بالوصول إلى الدهاليز.
40 ساعة من الانتظار الثقيل، أُبلغ ايلي بأن آليات البحث عن المفقودين بدأت بالعمل في النقطة القريبة من دهاليز الإهراءات، أي قرب مكتب عمل والده وزملائه السبعة الآخرين.
“الوقت لا يرحم”
وبغصّة يسأل ايلي “لماذا انتظروا 40 ساعة قبل أن يتّخذوا قراراً بالتحرّك؟ ماذا يُخبّئون هناك؟ أناشدهم الإسراع بأعمال البحث. قد يكون والدي لا يزال يتنفّس”.
ومع بدء أعمال البحث عن مفقودين في أنقاض الإهراءات، طالب الشاب المسؤولين بالسماح لزملاء والده الآخرين بالمشاركة بأعمال البحث، لأنهم يعرفون المكان جيداً”.
إلى ذلك، أبدى ايلي استعداده لإجراء فحص DNA كما طلبت قوى الأمن الداخلي من أهالي المفقودين. ويقول “أنا مستعد للقيام بأي شيء من أجل كشف مصير والدي. الانتظار صعب والوقت لا يرحم”.
العربية