كلّ يوم بيومو”، وفق هذه القاعدة باتت الكثير من العائلات تعيش اليوم في لبنان، مع “دزينة” المشكلات اليومية التي تنهمر علينا من كل حدب وصوب.
ومن هذا المنطلق باتت كماليات كثيرة، من الماضي، ومثلها أيضا حاجات أساسية تحوّلت إلى ترف ليس ضمن إمكانات الكثيرين
لم يتميّز اللبنانيون بثقافتهم وحبّهم للحياة فحسب، بل كانوا دائما السباقين في عالم الموضة، ترنو إليهم الأعين، خصوصا من الدول العربية، حتى تتمثل بأزيائهم وذوقهم الرفيع في هذا المجال.
اليوم كلّ شيء تغيّر، فها نحن غارقون في شتى أنواع الأزمات وعلى رأسها المعيشية، حتى بات الهدف الأساسي عند الغالبية هو تأمين ثمن الطعام والبنزين وبدل الإيجار، اما التسوّق الدوري وشراء الملابس الجديدة فبات ترفا حقيقيا.
تكاد محال الملابس تخلو من روّادها، وإن وُجدوا فتسمعهم فقط يسألون عن الأسعار قبل أن يغادروها سريعا. ترى الحسرة لا بل اليأس على وجوه أصحاب هذه المحال، الذين كوتهم الأزمة هم أيضا، فكل البضاعة تشترى بالدولار وفق السوق السوداء، وبالتالي متى احتسبتها بالليرة اللبنانية كانت الأسعار صادمة.
ولأن مصائب قوم عند قوم فوائد، استفاد الخياطون من تراجع قدرة المواطنين على شراء الملابس الجديدة، فترى أعمالهم ازدهرت بعدما تعاظمت الحاجة إليهم للترقيع أو التضييق، وكلّ ما من شأنه أن يعيد الحياة للملابس القديمة أو يغيّر شكلها في كثير من الأحيان.
تروي غريتا، في حديث لموقع mtv، انها تعمل في الخياطة منذ أكثر من 20 عاما، غير أن عملها ازداد في السنة الأخيرة بنسبة 200% إن لم نقل أكثر، وتوضح “الزبائن يحاولون إصلاح ما تيسّر من الملابس، أو حتى إضافة تفاصيل بسيطة إليها حتى تبدو مختلفة وجديدة”.
وتشير غريتا إلى ان ما يفعله الأهل في الفترة الأخيرة، أنهم يشترون ثيابا أكبر من مقاس أولادهم ويطلبون تقطيب الأكمام أو البنطال الطويل، حتى يستفيد الولد ما أمكن مع مرور الوقت من القطعة. أما السيدات فأكثر ما يطلبنه هو تحويل الفساتين الطويلة حتى تصبح قصيرة، فتبدو بالتالي وكأنها فساتين جديدة، إضافة إلى قصّ الأكمام أو إضافة خرز إلى القميص، حتى تتحول إلى أخرى جديدة.
هكذا، بعضنا يغرق في وحول الأزمة وآخرون يرقّعون، بعضنا يتقلّب على نيران المآسي والعوز وآخرون يرقّعون، لكن بعض “التخبيصات” قد لا ينفع معها الترقيع، وهنا المصيبة الأكبر.
سينتيا سركيس – موقع mtv