التقنين في التيّار يتسبّب بأزمة مياه في صيدا والمواطنون يدفعون الثمن
تعيش مدينة صيدا أزمة تقنين حادّ في التيّار الكهربائي، ومعه بدأت تلوح في الأفق أزمة مياه جديدة، تضاف الى سلسلة الأزمات المعيشية التي أنهكت أبناء المدينة، وتحوّلت كابوساً يقضّ مضاجعهم، في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، الى جانب “كورونا” والغلاء وارتفاع الاسعار والدولار، تزامناً مع أول موجة حرّ لهذا العام وفي رحاب شهر رمضان المبارك، حيث تزداد الحاجة الى الكهرباء والمياه مع ارتفاع درجات الحرارة أكثر من معدلاتها الطبيعية في مثل هذه الايام.
وفيما ناشد أبناء صيدا وخصوصاً “البلد” نائبي المدينة والفاعليات التحرّك لإنصاف المدينة بالتغذية بالتيّار، وايجاد حلّ جذري لمعضلة شحّ المياه صيفاً، أوضحت مصلحة مياه لبنان الجنوبي أن سبب انخفاض التغذية بالمياه، يعود الى التقنين الكهربائي القاسي الخارج عن إرادتنا، والذي تسبّب بتوقّف الضخّ من محطّاتها واضطرّها لتشغيل مولدات الطاقة الكهربائية لفترات طويلة فوق قدرة تحمّلها، في ظل الظروف المالية الصعبة التي تمرّ بها المؤسسة، بعد وقف جباية الرسوم موقتاً، شعوراً بمعاناة المواطنين، علماً بأنّ المؤسسة تعتمد في تمويلها على الاشتراكات فحسب.
حاجة وجباية
ولفت المدير العام للمؤسسة الدكتور وسيم ضاهر إلى أن “المؤسسة تؤمّن إدارة وتشغيل وصيانة أكثر من 900 منشأة مياه، وأكثر من مليونين وسبعمئة الف متر من الشبكات والتمديدات في الجنوب، بهدف ضمان استمرار التغذية بالمياه”، لافتاً إلى أنّ “كل هذه المنشآت تعمل على الطاقة، وهذا ما يرتّب أعباء مالية ضخمة على المؤسسة”، قائلاً: “صحيح أن وظيفة المؤسسة توفير المياه، لكنّ شبكتها تحتاج إلى المازوت، لا الماء لتعمل”، موضحاً أنّ “المؤسسة ستعاود الجباية، وأنّ فرقها ستتوجّه إلى المدن والبلدات كافة الواقعة ضمن نطاق استثمارها لتحصيل الاشتراكات”. وأوضح أن “فصل الصيف يُضاعف من مجهود المؤسسة لتأمين استمرار التغذية بالمياه”، متمنياً على “جميع المشتركين التعاون وتسديد المستحقات، انطلاقاً من مبدأ التكافل الاجتماعي واستمرارية عمل المؤسسات، وتجنباً للوصول الى مرحلة يكون من الصعب خلالها استمرار التغذية بالمياه”. وأشار إلى أنه “سبق أن قدّمت المؤسسة وتقدّم مجموعة من التسهيلات لتسديد المستحقات عن العام 2020 عبر 4 أقساط فصلية لا تتعدى الـ75 ألف ليرة لبنانية كل 3 أشهر، إضافة إلى تقسيط المتأخرات لفترات تصل إلى 36 شهراً والإعفاء من الغرامات”، ودعا إلى “الاستفادة من خفض رسم تأسيس الاشتراك الجديد من 620 ألف ليرة إلى 353 ألفاً والمبادرة إلى تسوية أوضاعهم”.
فاتورتان وغضب
في صيدا القديمة، حلّ التقنين الكهربائي القاسي وانقطاع المياه ضيفين ثقيلين، وفي غير توقيتهما. أبناؤها يدفعون فاتورتين لكلّ شيء ولا يأخذون ما يستحقون. تُطاردهم الأزمات المتلاحقة، ضاقوا ذرعاً بها، تحرّكوا واحتجّوا أكثر من مرة، أقفلوا الطرقات وأضرموا النار في الإطارات، رفعوا صوت الاحتجاج، انهالت وعود المسؤولين بالمعالجة، كانت أشبه بالمسكّنات التي تدوم لساعات او ربّما لايام، واليوم تتكرّر المعاناة. ويؤكد أحمد وهبي لـ”نداء الوطن” أن “ما نعيشه من أزمات هو انعكاس واضح للفساد والسمسرات والصفقات والتي تبدأ من الفيول ولا تنتهي بالتلاعب بسعر صرف الدولار والغلاء”، مضيفاً: “لقد شغلوا الناس بالبحث عن لقمة العيش، وجاء فيروس “كورونا” طوق نجاة لهم من استمرار الحراك الاحتجاجي، أما نحن فاذا لم نمُت من الوباء فسنموت من الفقر والجوع”.
تثني على كلامه الحاجة مريم حجازي، وتؤيّده بالقول: “لا يمرّ يوم والا فيه ازمة جديدة تزيد من عوز الفقراء، اكتشفنا ان حياتنا لا قيمة لها امام صفقاتهم المشبوهة، فيما تغيب الدولة عن تأمين أبسط حقوقنا بالكهرباء والمياه ومراقبة الأسعار، لم نستوعب بعد هذا الارتفاع الجنوني وخصوصاً على المنتوجات اللبنانية”، قبل أن تُقسم بالله “بأن الناس جاعت وهي مستعدة للقيام بانتفاضة شعبية سلمية مجدداً من اجل الدفاع عن حقها في حياة كريمة، بعيداً من مخاطر الوباء، ببساطة لا تريد ان تموت جوعاً”.
إهتمام وفحوصات
وخرقت شكاوى الناس التي لا تنتهي، وشعورهم القاتل بالإهمال والإمعان في الحرمان، حملة لبلسمة أوجاعهم، تدل على انهم ليسوا في طي النسيان في الزمان والمكان، اذ حطّ مستشفى صيدا الحكومي الجامعي، وبالتعاون مع مستوصف الحريري الطبي الإجتماعي التابع لمؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة، وبمشاركة “رابطة كاريتاس” و”مستوصف الشهيدة ناتاشا سعد”، رحاله في “مستوصف الحريري الطبي” في حي “رجال الأربعين” وأخذ عينات عشوائية من سكانها، في حملة هي الأولى من نوعها لإجراء فحوصات الـ”PCR” في المدينة القديمة، وفي اطار الفحوصات العشوائية الإستباقية التي تجريها وزارة الصحة مجاناً في مختلف المناطق.
وأشرف على الحملة ممثل رئيسة مؤسسة الحريري النائبة بهية الحريري المدير الطبي لمستوصف الحريري الدكتور ناصر حمود، وممثل رئيس مستشفى صيدا الحكومي الدكتور احمد الصمدي رئيس دائرة التمريض فيها فرنسوا باسيل والمدير الإداري للمستوصف بلال الحريري، حيث أجرى فريق من ممرضي المستشفى وعلى مدى نحو 3 ساعات فحوصات الـ” PCR” لنحو 60 شخصاً من قاطني المدينة القديمة.
وأوضح الدكتور حمود أهمية هذه الحملة، “كونها حملة فحوصات عشوائية ومن شأنها أن تعطي فكرة اكثر عن مدى انتشار “كورونا” في مجتمعات تُسمّى سليمة، فاذا تبين ان عدد العينات العشوائية الايجابية كبير، فهذا يعني ان هناك مؤشّراً خطراً يستدعي اتخاذ خطوات طبية وحجراً أكبر”، مشيراً الى أن “المواطنين لا يزالون خائفين وبعضهم يتجنّب إجراء الفحص بالرغم من انه سهل وغير مُزعج ولا يستغرق سوى ثوان قليلة ولا مخاطر من مشاكل او مضاعفات له، وهو مهمّ ليطمئن صاحب العلاقة ومن حوله”.
المصدر/ محمد دهشة – جريدة نداء الوطن