لا كلمات من الممكن ان تصف ما جرى في بيروتأمس، فالكارثة وقعت حتماً والعودة الى الوراء لم تعد تنفع كما الندم. المطلوب اليوم المحاسبة قبل أي شيء آخر، وجميعكم تتحملون المسؤولية، ففسادكم هو المسؤول، واهمالكم هو المسؤول، وتقصيركم هو المسؤول. بيروت تحولت بفضلكم الى مدينة منكوبة والشعب خسر كل شيء. وبحصيلة غير نهائية سقط ما لا يقل عن 75 شهيداً والآف الجرحى حصيلة الانفجار الذي عصف عصر أمس في مرفأ بيروت وخسائر اقتصادية بمليارات الدولارات.جلسة استثنائية لمجلس الوزراء
nullاذاً، بعد الانفجار الكارثي الذي دوى ببيروت، يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية ظهر اليوم لاتخاذ ما يلزم من قرارات، ابرزها: إقالة المسؤولين عن العنابر، والمتسببن بالانفجار، تشكيل لجنة تحقيق تنهي مهمتها بـ5 أيام، وإعلان حالة الطوارئ لمدة أسبوعين.. فضلاً عن اجراء ما يلزم لاغاثة المنكوبين، وذلك بناءً على دعوة الرئيس ميشال عون، الذي اقترح أيضاً وقرّر تشكيل خلية أزمة في بعبدابرئاسة مدير عام القصر انطوان شقير لمواكبة كارثة المرفأ.
وكان مجلس الدفاع الأعلى، قد انعقد في اجتماع طارئ عند العاشرة والنصف من مساء أمس في بعبدا، برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس دياب، والأعضاء، وأعلن في نهايته :
1- اعلان بيروت مدينة منكوبة
2- استنادا الى المادة 3 من قانون الدفاع رقم 102 والمواد 1 و 2 و2و3 و4 من المرسوم الاشتراعي رقم 52 تاريخ 5/8/1968، اعلان حالة الطوارئ في مدينة بيروت لمدة أسبوعين أي من 4/8/2020 لغاية 18/8/2020. وتمارس السلطات المختصة الصلاحيات المنصوص عنها في المرسوم الاشتراعي رقم 52/1968 كما وبالاستناد الى المادة 3 من هذا المرسوم الاشتراعي، تتولى فوراً السلطة العسكرية العليا صلاحية المحافظة على الامن وتوضع تحت تصرفها جميع القوى المسلحة بما فيها قوى الامن الداخلي والامن العام والجمارك ورجال القوى المسلحة في الموانئ والمطار وفي وحدات الحراسة المسلحة ومفارزها بما فيها رجال الإطفاء، وتقوم هذه القوى بواجباتها الأساسية وفقا لقوانينها الخاصة وتحت امرة القيادة العسكرية العليا.
كما تختار السلطة العسكرية العليا بقرار بعض العناصر من هذه القوى لتكليفها بمهام خاصة تتعلق بعمليات الامن وحراسة النقاط الحساسة وعمليات الإنقاذ.
3- تكليف لجنة تحقيق بالاسباب التي ادت الى وقوع هذه الكارثة، على ان ترفع نتيجة التحقيقات الى المراجع القضائية المختصة في مهلة اقصاها 5 ايام من تاريخه، على ان تتخذ اقصى درجات العقوبات بحق المسؤولين.
وعليه، تغيرت الاجندات، وأعلن ان الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله قرّر ارجاء اطلالته الإعلامية..
ماذا جرى في المرفأ أمس
تعددت الروايات لما جرى في المرفأ أمس، الا انه وبحسب “اللواء” فان الكميات (الامونيون) صودرت من باخرة ذاهبة الى افريقيا في العام 2014 حصل عطل في هيكلها اثناء تعويمها عثر على البضاعة ووضعوها في تخزين في مكان مناسب تم العنبر 12 بعيدا لحفظها للبت بها لأنها تحتوي على بضاعة محجوزة وبعد الكشف على العنبر وجدت اضرار بحاجة الى صيانة وحاجة لقفل للباب الذي كان مخلوعا وفجوة في الحائط الجنوبي. يمكن الدخول والخروج بسهولة منه.
وطلب من ادارة مرفأ بيروت تأمين حراسة للعنبر وأمين مستودع وصيانة كامل الأبواب ومعالجة الفجوة. الرواية الأخرى تقول انه حصل تلحيم لها. وتوازي الكمية المنفجرة 1800 طن من التي أن تي.
المعلومات الأمنية الأولية كشفت أنّ حريقاً نشب في العنبر رقم 12. وحضرت قوة من فوج إطفاء بيروت للعمل على إخماده. لكن النيران اشتدت في غضون دقائق، ووقع الانفجار الهائل. أسباب الحريق لم تُحسم. أحد الأجهزة الأمنية يجزم بأنه نتيجة العمل على “تلحيم” فجوة وبوابة حديدية في العنبر. فيما فضّلت الأجهزة الأخرى انتظار نتيجة التحقيق. أكثر من 2700 طن من نيترات الأمونيوم (تُستخدم في تصنيع المتفجرات والأسمدة الزراعية) المخزّنة بصورة عشوائية، صارت وقوداً للحريق وسبباً للتفجير الذي أتى على جزء من العاصمة وكامل المرفأ. وعلمت “الأخبار” أن جهاز أمن الدولةأجرى تحقيقاً رفع بموجبه تقريراً عن وجود مخاطر قد تتسبب بها هذه المواد، علماً بأن عصارة النفايات والمواد الكيميائية كانت تتسرّب في المرفأ.
الحكومة كانت على علم بالمواد
وفي اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس، عرض المدير العام لأمن الدولة، اللواء طوني صليبا، التقرير الذي أعدته مديريته مطلع العام الجاري. فيما سرّبت مديرية الجمارك ليلاً، كتاباً موجهاً إلى القضاء، عام 2017، تذكر فيه ست رسائل سابقة، موجهة إلى قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، تطلب فيها إعادة تصدير نيترات الأمونيوم، أو بيعها إلى إحدى شركات تصنيع المتفجرات.
ففي خلاصة ما ثبت حتى ليل الأمس، هو أنّ أهل الحكم والحكومة كانوا على دراية تامة بوجود قنبلة كيماوية موقوتة في وسط العاصمة ولم يتحركوا ولم يحركوا ساكناً لتفكيكها، ومنذ 6 أشهر وضع على طاولة الرؤساء والوزراء وكل المسؤولين المعنيين تقرير رسمي يُحذر من خطورة الإبقاء على كمية كهذه من المواد الكيماوية شديدة الاشتعال مخزنة بطريقة لا تراعي معايير وشروط السلامة العامة، غير أنّ أحداً منهم لم يتحل بأدنى حسّ من المسؤولية الوطنية ليحول دون وقوع الكارثة…
وبصرف النظر عن الأمور التقنية والقانونية، ثمة أسئلة لا بد من طرحها، وتحتاج إلى إجابات لتحديد المسؤوليات:
لماذا بقيت المواد الخطرة في لبنان؟
ولماذا لم ترحَّل لاحقاً بعد معالجة أمر الباخرة؟
من هو صاحب القرار بأن تبقى هذه المواد بلا أي إجراءات احترازية؟
من يدفع بدل إيجار تخزينها؟
من المستفيد من بقائها؟
لماذا لم تتدخّل مديرية المخابرات، صاحبة الصلاحية الأمنية في المرفأ، والمسؤولة عن كل ما له صلة بقضايا الأسلحة والمواد المتفجرة، لمنع تخزين مواد قابلة للتفجير في مرفق حساس كميناء العاصمة البحري؟
هل توقفت مديرية الجمارك، بعد عام 2017، عن إرسال كتب إلى القضاء من أجل “تحرير” الشحنة المحتجزة؟
ما هو دور لجنة إدارة المرفأ، المؤقتة منذ عقود، في الحفاظ على سلامة المنشأة التي تتولى إدارتها باستقلالية شبه تامة عن كل ما عداها في الجمهورية؟
من هو هذا القاضي الذي لم تُقنعه المطالبات الأمنية بوجوب “فكّ حجز” هذه المواد الشديدة الخطورة؟ ووفق أي قانون اتخذ قراره؟ وهل “الحقوق الفردية” للدائنين تبقى “مقدّسة” في ظل وجود مخاطر جمّة على الأمن الوطني؟
هذه الأسئلة لا تهدف إلى التصويب على أحد، ولا إلى اتهام أحد. لكن جريمة بهذا القدر من الخطورة، لا يجوز أن تمرّ من دون تدحرج رؤوس كبيرة. شبه “الإبادة” التي تعرّضت لها العاصمة أمس، توجب تغيير الكثير من السلوكيات والسياسات.
Lebanon 24