كتبت محمد دهشة في صحيفة ” نداء الوطن”:
لم تتمالك الطفلة تيا قبلاوي نفسها، فانهمرت دموعها حزناً في “ساحة الثورة” عند تقاطع “ايليا” في صيدا، خلال وداع خالها الشاب الصيداوي هيثم رمضان. قالت لـ”نداء الوطن” بحرقة لا تخلو من الغصّة، “الله يرحمه، والله لا يسامح المسؤولين، كان مريضاً ولم يساعدوه، فتوفى وفي قلبه غصة، لم يرَ مطالب الحراك الاحتجاجي الذي طالب بحقوقه وبحقوق أمثاله من المرضى وهي تتحقق”.
تيا، ليست الوحيدة التي ذرفت الدموع حزناً على رمضان الى جانب افراد عائلته وأقاربه وأصدقائه، فالمحتجون في المدينة من الشابات والشباب بكوه، وودعوه على طريقتهم الخاصة، وحملوا نعشه على الأكف، طافوا به في “ساحة الثورة”. الساحة التي قصدها في المرة الأولى على كرسي متحرك، ليعرض معاناته مع المرض والفشل الكلوي، ثم ليعود اليها للمرة الأخيرة، محمولاً في نعش ومرفوعاً على الأكف وسط هتافات الغضب.
وقالت خالته سهى توتنجي لـ”نداء الوطن”: “الله يهدي الدولة، ويغضب على مسؤوليها، يموت الناس الواحد تلو الآخر، وهم باقون على كراسيهم، غير عابئين بما يجري، ألم يشعروا بوجع الناس بعد؟ ألم يسمعوا صرخاتهم التي تريد التغيير واعادة الاعتبار لكرامة الانسان”.
بينما صبّت شقيقته سهام رمضان جام غضبها على المسؤولين، قالت لـ”نداء الوطن”: “إنني أوجه التحية الى شباب صيدا، الذين وقفوا الى جانبه، انه شهيد الاهمال وفساد الدولة”ّ، داعية المواطنين الى “الوقوف صفاً واحداً في وجه الازمات المفتعلة من السلطة، بدءا من البنزين، مرورا بإرتفاع الاسعار والغلاء وصولا الى اختفاء بعض المواد الاستهلاكية كي ينقم الرأي على الحراك الاحتجاجي ولكنهم لن ينجحوا”.
هيثم، الذي ذاع صيته في الحراك الاحتجاجي عند نزوله الى “ساحة الثورة” عند تقاطع “ايليا”، مطالباً الدولة بتأمين العلاج له والادوية ومساعدته في زراعة كبد، توفى أمس ونعاه ابناء وشباب منطقة القياعة، وقد أقيمت الصلاة على جثمانه في جامع السلام في القياعة من حيث انطلق موكب التشييع، ثم عبر في ساحة “الثورة” ومنها إلى جبانة سيروب حيث ووري الثرى.
وقد وصف الناشط عمر ترجمان لـ”نداء الوطن”، رحيل هيثم بأنه “خسارة لمدينة صيدا، وهو نموذج حيّ عن الاهمال، ويؤكد في ذات الوقت صوابية الحراك في تصحيح الخلل والضغط من أجل تأمين التعليم والطبابة والضمان الاجتماعي والشيخوخة وغيرها من التقديمات والأهم أن يعيش الانسان بكرامة”.
إشارة، الى أنّ رمضان كان يُعاني منذ أكثر من شهرٍ ونصف من تلفٍ في الكبد ويحتاج الى علاجٍ يوميٍّ، غير أنّه لم يستطِع تأمين التكاليف اللازمة، إذ كان بحاجة الى عملية زرعِ كبدٍ عاجلة تفوق كلفتها المئة مليون ليرة لبنانية وقد ناشد وزارة الصحة لمساعدته بيد أنّ الموافقة على إجراء العملية أتت متأخرة بعدما فارق الحياة.