الشارع الصيداوي يشتعل غضباً… وناقوس خطر من “انفجار اجتماعي”

الشارع الصيداوي يشتعل غضباً… وناقوس خطر من “انفجار اجتماعي”

- ‎فيأخبار صيداوية


“لا نريد ان نموت جوعاً”، عبارة تختصر احتجاج الشارع الصيداوي الذي اشتعل غضباً، وهو يترنّح بين التداعيات السلبية لجائحة “كورونا” وبين الفقر المُدقع، وبينهما ارتفاع الدولار والأسعار والغلاء على ابواب شهر رمضان. وبدا مشهد المدينة في سباق محموم بين دقّ ناقوس الخطر من “انفجار اجتماعي” وشيك، وبين تقديم المساعدات وبلسمة الجراح رسمياً ومن المبادرات المدنية والخيرية والإغاثية الفردية والجماعية.

“صوت الغضب”، تُرجم في الشارع لليوم الثاني على التوالي، بمسيرة سيّارة نظمها ناشطو “صيدا تنتفض” تحت شعار “مستمرون”، رفضاً لتردّي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية. وحرصت مثل سابقتها، على مشاركة السيارات المسموح بتجوّلها، أي ذات الارقام المفردة تطبيقاً لقرار وزارة الداخلية، واحترمت شروط التباعد الاجتماعي والوقاية لناحية وضع الكمّامات والكفوف، وعدم تواجد أكثر من شخصين داخل السيارة الواحدة. وقد انطلقت من “ساحة الثورة” عند “تقاطع ايليا”، وجابت الشوارع الداخلية والأحياء، وهي ترفع الاعلام اللبنانية، وتُطلق عنان الأبواق، وهتافات أكّدت “استمرار الانتفاضة والعودة الى ساحات الميدان” بعد جائحة “الكورونا”.

السلطة في واد

وتقول المربية إيمان حنينة، وهي ناشطة في “حراك صيدا”، لـ”نداء الوطن”: “بلغ السيل الزبى”، في إشارة الى مثل عربي قديم يُقال في الأوقات التي تصل فيها الأمور إلى حدّ لا يمكن السكوت عليه، “فينفد حينها الصبر”، قبل أن تضيف: “السلطة في واد… والشعب في واد آخر وخارج مسؤولياتها، وغضب الشارع يتدحرج ويكبر، فاذا كان الحراك قبل 17 تشرين الاول يهدف الى منع الانهيار، اليوم أصبحنا في قلب الانهيار نفسه، ومع جائحة “كورونا”، ازداد الأمر سوءاً”. وتؤكّد ان “حراك صيدا استعاد نبضه، ولكننا في الوقت نفسه، نوازي بين التصعيد الاحتجاجي للتعبير عن الموقف الرافض لنهج السلطة، وتقاذف التهم والمسؤوليات، وبين الإجراءات الوقائية لمنع تفشي وباء “كورونا”، والأهم، ان كل خطواتنا مدروسة جيداً وحذرة، لئلا نقع ضحية التجاذبات والأجندة السياسية وكي نبقى في منأى عنها”، مشددة على ان “حراك اليومين هو ايذان بإعادة ايقاد “شعلة الانتفاضة” الشعبية وسيبقى صوتنا هادراً، ولا نقبل بأن نموت جوعاً أو بأن ندفع الثمن مُجدّداً”.

إعتصام وجولة
 

توازياً، نظّم اصحاب المحال والعمال في المدينة الصناعية الأولى، اعتصاماً هو الثاني في غضون أسبوع، للمطالبة بإعادة فتح محالهم مجدّداً، ضمن ساعات عمل محدّدة، ووفق اجراءات وقائية تمنع تفشّي الفيروس، مؤكّدين أنه لم يعد بمقدورهم تحمّل تداعيات الإقفال، نتيجة الالتزام بالتعبئة العامة والحجر المنزلي لتأمين قوت عيشهم، في ظلّ الغلاء وارتفاع الأسعار، في وقت واصل فيه مراقبو مصلحتي الاقتصاد والزراعة في الجنوب، وبمؤازرة عناصر من مكتب أمن الدولة، جولاتهم الكثيفة على محال الجملة لبيع الخضار والفاكهة في حسبة صيدا، لضبط الأسعار وملاحقة المخالفين. ودقّقوا بالاسعار وبفواتير المبيع، ومدى توافقها مع جدول اسعار المنتجات الزراعية التوجيهي في أسواق الجملة الذي يصدر اسبوعياً عن وزارة الزراعة.

الواقع صعب

في المقابل، لم يُخف رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي، ان حاجة الناس كبيرة، ومع جائحة “كورونا” ازدادت، بسبب الالتزام بـ”التعبئة العامة” و”حال الطوارئ الصحية” و”الحجر المنزلي”، قبل أن يُضيف لـ”نداء الوطن”: “من الصعوبة بمكان أن تُلزم الناس بالحجر المنزلي ولا توفّر لها لقمة الطعام على الأقل، الواقع صعب والناس تقول: “بدنا نأكل بدنا نعيش”.

ويقول السعودي: “إن المدينة واجهت خطر “كورونا” بيد واحدة وبتكافل اجتماعي موحد وبتضامن كبير، وتُعتبر نموذجاً يُحتذى”، ويضيف: “عملنا على خطين متوازيين، الاستعداد الطبي لمواجهة “الفيروس” وتقديم الإغاثة ولكن الامكانيات محدودة”، مُتوقّعاً بأن “تتمّ الموافقة من ديوان المحاسبة على المبلغ الاضافي، وقيمته مليارا ليرة لبنانية في غضون ايام، على ان يبدأ التوزيع مطلع الأسبوع المقبل، ويكون شهر رمضان المبارك قد دخل وما يتطلّب من احتياجات اضافية”.

بادرة أمل

وفي خطوة تشجيعية لزرع الأمل والفرح وسط اليأس، وتحمّل أجواء ايجابية في ظل الحجر المنزلي والتداعيات السلبية النفسية، فاجأ ذوو طلاب الصفوف المنتهية، في مدرسة الفنون الإنجيلية في صيدا، أبناءهم بتزيين أبواب منازلهم بالحاجيات والصور الخاصة بالطلاب، وكذلك ذكرياتهم الخاصة بهم، وهواياتهم، بالتنسيق مع إدارة المدرسة.

وأكدت عايدة قطان، والدة أحد الطلاب، أنهم بحاجة إلى هذه الأجواء التفاؤلية، بينما اعتبرت عبير شناعة أنها تنتظر بفارغ الصبر لحظة تخرّج ابنها من الإنجيلية، حيث تُنظّم المدرسة أجمل الاحتفالات، بينما شدّد رئيس المدرسة الدكتور روجيه داغر على الوقوف دائماً إلى جانب مستقبل الطلاب، مشجعاً إياهم على التفاؤل الدائم، والثقة بقدراتهم، وعدم الاستسلام، وداعياً إلى التفوّق على المصاعب بكل إيجابية، فالمصاعب محطة للتقارب والتضامن.


@ المصدر/ محمد دهشة – جريدة نداء الوطن