فاجأت العقوبات الأميركية التي صدرت مساء الثلاثاء، بحق النائب علي حسن خليل والوزير السابق يوسف فنيانوس، اذ كانت الاتجاهات مصوّبة نحو أسماء اخرى متوقعة اكثر من الشعب اللبناني، خصوصاً انّ وسائل الاعلام تطرقت اليها منذ فترة، كما ان ّ بعض المسؤولين الاميركييّن سبق ان ذكروا اسماءً سياسية ستتلقى عقوباتهم، لها مفعولها الايجابي على خط حزب الله، في ظل تصريح لمساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر تعليقاً على العقوبات، بأنها رسالة الى كل مَن يتعامل مع حزب الله، إضافة الى تعليق وزارة الخزانة الاميركية بأنّ خليل وفنيانوس تورّطا بعمليات فساد ودعما الحزب، وواشنطن لن تتردّد بمعاقبة أي فرد يدعم أنشطة حزب الله، وأكدت أنها ستعاقب كل سياسي لبناني يساعد الحزب، معلنة انها البداية والعقوبات ستتوالى في الأسابيع المقبلة، وستحمل أسماءً جديدة صادمة من ابرز رموز الفساد في لبنان.
وفي هذا الاطار علّقت مصادر سياسية معارضة على ما جرى وسيجري قريباً، بأنّ العقوبات الأميركية أصابت رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، اي ابرز رموز فريق 8 آذار، بهدف قطع طريق رئاسة المجلس مرة جديدة على بري، وقطع طريق قصر بعبدا على فرنجية، لكنها بالتأكيد ستطال لاحقاً رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل للغاية عينها، على الرغم من غزله المعلن للاميركييّن منذ فترة لتفادي هذه العقوبات، معتبرة بأنّها ستطاله بلا شك مع مسؤولين مقرّبين منه ورجال اعمال محسوبين عليه، اي انّ كل المواقف التي حاول من خلالها باسيل إستمالة واشنطن لن تنفعه، فهو لم يهاجم قانون قيصر ولم يعد موالياً في العلن لدمشق بل يحاول تفادي الحديث عنها، لكن عليه ان يفهم الاميركييّن جيداً، فهم لا يعطون من دون مقابل وما يهمهم هو مصلحة بلادهم اولاً واخيراً، وهم وإن ارسلوا اليه اليوم رسائل مطمئنة، إلا انه لن ينجو من عقوباتهم، فلربما ينتظرون منه شيئاً ما في هذا التوقيت، ولاحقاً يتخلون عنه ويضعون اسمه في قائمة اللائحة التي ستتلقى العقوبات.
ولفتت المصادر المذكورة الى أنّ واشنطن بدأت بفرض تلك العقوبات على سياسييّن، وقريباً على اقتصادييّن ورجال أعمال محسوبين على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، اي رسالة موّجهة بضرورة فك هذا التحالف بين العهد والحزب، وكشفت بأنّ احد المستشارين السابقين للرئيس سعد الحريري، واحد رجال الاعمال البارزين والمحسوبين عليه، سيكونان من ضمن الاسماء التي ستطالها العقوبات قريباً.
ورداً على سؤال حول وجود هدف من هذه العقوبات ايضاً وهو فرملة المحاصصة وتشكيل حكومة حيادية، اعتبرت المصادر عينها بأنّ طرحها في هذا التوقيت بالذات، اي خلال الاستشارات الحكومية وتناحرات المعنييّن على الحصص الوزارية الدسمة، لم يأت من عدم، بل هدفه وقف كل تلك الانقسامات والاختلافات حول الحقائب الدسمة للصف الاول، ورأت انها ستُغيّر بالتأكيد قواعد اللعبة في عملية التشكيل، اي رفض الاميركييّن لتمسّك الثنائي الشيعي بحقيبتيّ المالية والصحة، وتمسّك التيار الوطني الحر بالخارجية والطاقة والى ما هنالك، اي انّ العقوبات التي فُرضت قبل يومين، ستساهم بتغييّر النهج الحكومي القائم على المحاصصة، وعلى قصة ابريق الزيت الخلافية الدائمة، خصوصاً انّ التنسيق الأميركي – الفرنسي قائم بقوة في هذا الاطار، ومتابعتهما لعملية التشكيل واضحة مع رفضهما للشروط، لان الوضع لم يعد يحتمل، وما قام به الاميركيون سيُجبر قريباً جداً الافرقاء السياسييّن على تقديم التنازلات في عملية التشكيل الحكومي، وسوف يتناسون خلافاتهم لانّ الجديّة قائمة بقوة اليوم في اذهان الاميركييّن، ولا مجال للعب معهم.
وعن إمكانية تشكيل حكومة حيادية بعيدة عن الحزبييّن، لفتت المصادر الى انّ الولايات المتحدة تتطلع الى هذا النوع من الحكومات، وتصريحات المسؤولين الاميركييّن تؤكد ذلك، خصوصاً مَن زار منهم بيروت قبل فترة وجيزة، لكن السؤال الابرز هل ستمّر كل هذه الامور بهدوء؟، ام ستجري اساليب لخربطة الوضع ضمن سيناريوهات امنية او سياسية مفبركة لضرب الاستقرار…؟! ش
صونيا رزق – الديار