كتبت “الشرق الأوسط”: عُرف لبنان سابقاً بأنه ««مستشفى الشرق الأوسط»، لكن الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد بدأت تضرب البنية الأساسية للقطاع الطبي اللبناني مهددة بتحويله إلى قطاع فاشل. ومنذ اندلاع الأزمة، بدأت المستشفيات اللبنانية تعاني من هجرة كوادرها الطبية، أولاً، ثم من عدم القدرة على تأمين المستلزمات الطبية بسهولة، وصولاً إلى فقدان أدوية الأمراض السرطانية وغيرها.
ويحذّر المعنيون في لبنان من انهيار القطاع الصحي الذي لم يعد قادراً على الاستمرار في ظلّ الأزمة.
وأتى انفجار مرفأ بيروت ليرسم مساراً تنازلياً للقطاع الصحي، مع تضرر 106 منشآت صحية، بينها ستة مستشفيات رئيسية إلى حد كبير أخرجها من الخدمة لفترة، في حين زاد التعامل مع جرحى الانفجار من الضغط على القطاع.
وكان فقدان الأدوية والمستلزمات الطبية من الصيدليات والمستشفيات والذي بدأ منذ عام تقريباً بشكل متقطع وتحوّل تدريجياً إلى أزمة حقيقية، أبرز وجوه انهيار القطاع الصحي، حيث توقفت أكثر من مرة المستشفيات عن استقبال «العمليات الباردة»، أي غير الطارئة بسبب عدم توافر مادة البنج وغيرها من الأدوية الأساسية، وذلك في وقت بات من يستطيع من المواطنين أن يؤمّن الأدوية التي يحتاج إليها عبر أصدقاء أو أقارب في دول أخرى.\
وتحدّد الوزارة على سبيل المثال تعرفة غرفة المستشفى بـ90 ألف ليرة، أي 60 دولاراً على سعر صرف الدولار الرسمي وما قيمته الحقيقية لا تتجاوز الـ5 دولارات، وذلك في وقت ارتفعت فيه تكاليف عمل المستشفى بمجملها على أساس سعر الدولار في السوق السوداء ما عدا الأجور، فالمستشفيات تدفع كلفة الصيانة والاكل والتنظيف والتعقيم والفندقية ومؤخراً المستلزمات الطبية على أساس سعر صرف الدولار في السوق السوداء، في حين لم تحصل هذه المستشفيات على مستحقات لها من الدولة.
وتسود المستشفيات فوضى لجهة التسعير؛ إذ رفع عدد منها تعرفة الاستشفاء على أساس سعر دولار السوق السوداء في حين توقف عدد منها عن استقبال الأشخاص المسجلين لدى الجهات الضامنة.
وتفاقمت مشكلة القطاع الصحي بعد هجرة أكثر من 1000 طبيب خلال عامي 2020 و2021، بالإضافة إلى أكثر من 1200 ممرض وممرضة بحثاً عن فرص عمل تضمن لهم حياة كريمة بعدما خسرت رواتبهم أكثر من 90 في المائة من قيمتها بسبب انهيار الليرة مقابل الدولار، بالإضافة إلى تراجع قدرة المستشفيات على التوظيف وصرف أو خفض رواتب عدد منهم.
كتبت سجى يزبك في “الأخبار”: لم تعد تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية محصورة في قطاعٍ معين أو مكانٍ بذاته. كل شيء أصبح مفتوحاً أمام تلك التداعيات. اليوم، ومع كل الأزمات التي يعيشها اللبنانيون، ثمة ما يمكن إضافته إلى اللائحة التي تطول يوماً بعد آخر… وهي أزمة التسمم الغذائي التي باتت ظاهرة في كل المناطق التي تضجّ يومياً بأخبار «المسمّمين» من الطعام الفاسد بسبب رداءة النوعية أو انقطاع التيار الكهربائي.
هكذا، لم تعد صفيحة البنزين ولا فاتورة السوبر ماركت ولا فيروس كورونا وحدها ما يشغل الناس، بعدما انضم الغثيان والحرارة والتقيؤ إلى همومهم بسبب تراجع نوعية المأكولات التي يضطرون إلى شرائها من المحال التجارية والمطاعم.
رانيا شومان كادت «تقتل» بعد تناولها طبق حلويات «في متجرٍ معروف»، حملها على البقاء أسبوعين محبوسة بين جدران البيت تتلوّى من الألم مع ثلاثة من أفراد عائلتها، وصلت إلى مرحلة الجفاف بسبب شدّة العوارض. فيما الأسوأ الذي واجهته هو أن حالتها كانت «متطورة قليلاً وكنت بحاجة إلى 3 أنواعٍ من الأدوية وكلها مفقودة». عانت رانيا قبل أن تجد الدواء «فقط لأنو عندي أصحاب صيادلة، قدرت أمنت الدوا إلي ولأهلي».
مثلها أيضاً مروى زريق التي جاءت من الغابون لزيارة لبنان، فجلست بين «أربع حيطان» بسبب تجربةٍ سيئة اختبرتها في «واحدة من أكبر سلسلة لمطاعم الوجبات السريعة». قصدت ذلك المطعم لأنه يعدّ آمناً مقارنة بغيره، لكن على ما يبدو أخطأت»، إذ لم تكد تمرّ ساعات على تناولها وابنها الطعام حتى بدأت عوارض التسمم الغذائي بالظهور.
ليست تلك الحوادث «فردية». فمع ارتفاع أسعار السلع وانقطاع التيار الكهربائي، كثرت حوادث التسمم الغذائي. وفي ظل عدم وجود إحصاءات دقيقة لتلك الحالات، يمكن الاستعانة ببعض الأمثلة التي تدلل على تلك الظاهرة. فعلى سبيل المثال، يمكن الرجوع إلى موقع «غوغل تريندز» للتقصي عن أعداد الذين بحثوا عن موضوعات التسمم الغذائي.
وفي هذا السياق، تشير الأرقام إلى أن عدد الأشخاص الموجودين في لبنان الذين بحثوا عن موضوع التسمم الغذائي، زاد أكثر من 25% تقريباً عن العام الفائت، وزاد بعد التاسع عشر من الشهر الجاري، أي بعد عيد الأضحى، بنسبة 50% تقريباً. ومن العناوين التي بحث عنها هؤلاء: عوارض التسمم الغذائي، علاج التسمم الغذائي في المنزل. وبحسب الموقع أيضاً، كان أكثر الباحثين عن التسمم الغذائي من العاصمة بيروت ومنطقة جبل لبنان ومناطق الشمال.
لكن، ماذا عن حصول التسمم؟ ينصح الدكتور بسام الموسوي، وهو طبيب مختص في الجهاز الهضمي، المريض الذي يعاني من الإسهال والتقيؤ، سواء كانا نتيجة تسمم غذائي أو لا، «أن يشرب كميات كثيرة من الماء، حتى لا تتطور حالته الى الجفاف بعد خسارة الجسم كمية كبيرة من الماء». وأوضح أن «عوارض التسمم تبدأ بعد ٣ ساعات من تناول الطعام الملوث، وقد تصل إلى ٢٤ ساعة في بعض الحالات، وإذا ترافق الإسهال مع مخاط أو دم، على المريض الذهاب إلى المستشفى فوراً».