المشنوق: هذه آخر حكومات عهد عون بعدها يصبح هو الهدف.. والحريري شريك وليس ضحية

المشنوق: هذه آخر حكومات عهد عون بعدها يصبح هو الهدف.. والحريري شريك وليس ضحية

- ‎فيالمحلية

المشنوق: هذه آخر حكومات عهد عون بعدها يصبح هو الهدف.. والحريري شريك وليس ضحية

المصدر : independent arabia 
من موقعه كمستشار إعلامي على مدى أعوام الى جانب رئيس الحكومة الراحل رفي الحريري، خطَّ نهاد المشنوق طريقه في السياسة، وحجز لنفسه في ما بعد، مكاناً ثابتاً على الساحة السياسية، لا سيما بعد تسلم سعد رفيق الحريري لواء أبيه. تولّيه وزارة الداخلية، والنيابة عن المقعد السني في العاصمة، خلقا لنهاد المشنوق حساسيات داخل التيار المستقبلي، نتيجة تعرضه لانتقادات من داخل البيت الواحد، بلغت حد الاتهام بسعيه إلى مزاحمة الحريري على كرسي الرئاسة الثالثة. مثل هذه الانتقادات، معطوفة على مواقف متمايزة عن السياسة الحريرية، خلقت تباعداً ثم جفاءً بين الرجلين.

في حديث لـ” اندبندنت عربية”، يعتبر أن الحريري ليس ضحية فشل التسوية الداخلية، بل شريك فيها، وان الاستراتيجية الدفاعية وحدها تنقذ لبنان. “حرب الدولار”، كما أسماها، نجحت على الصعيد الإقليمي، فالعملة الخضراء لا يمكن قصفها أو ضربها أو تدميرها. والالتفاف عليها لا ولن يؤدي الى نتيجة، لا في إيران، ولا في سوريا أو لبنان أو اليمن. ربما في العراق لأن البلد غني، ولكن الشعب لا يستفيد. ورغم ما يقال عن سياسة الرئيس ترمب وتهوره، فقد تبين بحسب المشنوق أن هذه السياسة تعطي نتيجة. “فلنعد قليلاً الى الوراء، ونتذكر ما قاله آية الله خامنئي بأن إيران لن تفاوض الإدارة الأميركية الحالية. من ثلاثة أيام، عرض وزير الخارجية الإيراني استئناف المفاوضات، وبعد ستة أشهر من اليوم، ستكون “حرب الدولار” حققت نتائج من الضرر والإفلاس والفوضى الأهلية والاجتماعية إلى درجة أن تحصل المفاوضات تحت وقع العقوبات”. لا حل آخر، برأي النائب البيروتي، “في إيران كان هناك 9 ملايين عائلة تحت خط الفقر وتعيش من 9 ملايين حصة غذائية في الشهر، اليوم ارتفعت هذه الحصة الى 12 مليوناً بسعر25 دولار للحصة، أي أن نحو 50 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر، إذا احتسبنا الحصة الواحدة لعائلة من 4 أشخاص”.

الوضع الايراني

ويتابع “في سوريا، الوضع ليس أفضل. الحرب الجارية تهدف الى إفلاسها من خلال رفع سعر الدولار، فيما بدايات الخروج الإيراني من سوريا حصلت، والآن انحصر الوضع بين الأميركيين والروس، ولم يعد هناك طرف ثالث جدي في المفاوضات في الداخل. حتى تركيا التي طالبت بأراضٍ لم تحصل إلا على العُشر منها، وهناك شروط قاسية مفروضة عليها عبر الروس. في لبنان، يقول المشنوق “لقد حصل الانهيار وليس سيحصل، والعراق ساحة مفتوحة للحرب لأن الأميركيين لن يتخلّوا عن البلد الذي يعتبرون أنهم حرروه. وكون العراق دولة حدودية مع إيران، فالتنازع على النفوذ سيستمر. وعندما تعلن الرئاسة الأميركية بفرح عن عملية قتلِها لقاسم سليماني وليس عبر عملية سرية، فهذا يعني أن هذه السياسة وصلت الى أقصاها. ولا أحد يقول إن الحرب تجري من دون تمويل. المال عملياً غير موجود. كان الحرس الثوري يموِّل نفسه من حكومة نور المالكي (العراقية)، وفقاً لما كشفه الإعلام الأميركي، ولكن حتى العراق اليوم لم يعد قادراً على التمويل كما في السابق، بعدما باتت الموارد في غالبيتها تذهب الى القطاع العام هناك 9,5 مليون موظّف، هذا غير الهدر والفساد والمناعة العراقية الشعبية المعلنة ضد النفوذين الإيراني والأميركي”.

هل من دور روسي ممكن في لبنان، على غراره في سوريا؟ يعتقد المشنوق أن لبنان “غير مهيأ لدور كهذا، علماً بأن الروس حققوا تقدماً جدياً من خلال حصولهم على قاعدة بحرية نفطية على المتوسط من لبنان، وإن بدأت ملامحها اليوم بخزانات النفط في طرابلس (شمال لبنان)، ولا اعتقد أن الأمور يمكن أن تذهب إلى ابعد”.

الاستراتيجية الدفاعية

وبنبرة غير متفائلة لا يرى “نجاة حقيقية للبنان بأقل من الاستراتيجية الدفاعية التي تحدث عنها رئيس الجمهورية أكثر من مرة منذ عامين. البيان الوزاري للحكومة الجديدة يجب أن يلحظ هذا الموضوع. وهذا كلام أقوله منذ سنوات، وغير ذلك لن ينفع”. (الاستراتيجية الدفاعية ترمي الى البحث في وضع سلاح “حزب الله” ضمن قرار الدولة). “لبنان بسبب تجاهل هذه الاستراتيجية هو المحاصر بشعبه وودائعه ومستقبله وانتشار “حزب الله” الإقليمي والدولي عسكرياً وأمنياً.

العقوبات على قدر دور”حزب الله”

وعندما نسأله أي استراتيجية يقصد، وقد وضع “حزب الله” يده اليوم بالكامل على لبنان؟ لا يقبل بهذا الرأي ويقول “إن القرار السياسي في البلاد منذ 2010 كان في يد “حزب الله”. واليوم لم يتغير شيء ولا يزال هذا القرار في يده. شاركت في حكومتين، ولم يحصل مرة نقاش جدي حول سياسة الحزب الخارجية، ولم يعارض أي فريق باستثناء بعض المرات من جانب فريق حزب القوات اللبنانية، وأنا. والكلام عن ربط نزاع لم يكن أكثر من نظرية. أما الكلام عن الاحتقان السني – الشيعي الذي كان يوتِّر الشارع أمنياً، فقد تجاوزناه في اللقاءات التي كنا نجريها دورياً عند الرئيس (مجلس النواب) نبيه بري، ومن ينزلون الى الشارع هذه الأيام، ويُتهمون بأنهم مندسون أو يسعون الى إحداث فتنة مذهبية، هم بؤساء أرهقهم الفقر والوضع الاقتصادي. وأنا مؤمن بأن الحراك نجح لأنه أبعَدَ كل العناوين السياسية عن تحركه، رغم ما رأيناه من أعمال شغب، لا علاقة لها بالطوائف أو بسياسة “حزب الله” أو غيرها من عناوين المواجهات الإقليمية. لقد عاش لبنان بطريقة مختلفة سابقاً لأن ربط النزاع كان محدوداً جداً في ظل وجود الحزب داخل لبنان، والعقوبات كانت محدودة، فالنزاع مع إسرائيل كان محكوماً بالقرار الأممي 1701 الذي كان يحظى بإجماع داخلي. ولكن، بعد العام 2012 خرج الحزب الى سوريا والعراق واليمن وبلغاريا وفنزويلا ولست أدري إلى أين وأين. صار دوره مختلفاً، وباتت العقوبات على قدر الدور”.

النأي بالنفس

وعند الغوص أكثر في المسائل اللبنانية يعتبر المشنوق “عملياً ليست للبنان أي خيارات، والاعتقاد أن تبقى الأمور على حالها، وأن ننتظر انتهاء الصراع الأميركي – الإيراني، نظرية تبسيطية جداً. من دون الاستراتيجية الدفاعية، لا آفاق لحل سياسي جدي. وعلى الحكومة الحالية أن تقرر النأي بلبنان اقتصادياً ومالياً ومصرفياً وعسكرياً، ولا حل جدّياً إلا عبر الاستراتيجية الدفاعية وانسحاب “حزب الله” من دوره الخارجي في الإقليم، والشروع بمناقشة وضع السلاح غير الشرعي في لبنان. وغير ذلك كله دمار بدمار”.

هل القوى الموجودة في الحكومة اليوم قادرة على أن تضطلع بهذا الدور؟ يجيب بسؤال “هل هي مضطرة أو لا؟ أنا رأيي أنها مضطرة. هناك إصلاحات قاسية داخلياً عليها القيام بها، ولكن ليس لديها خيارات أخرى جدية”.

ولكن هل “حزب الله” أصبح جاهزاً للبحث في سلاحه؟ “لا اعرف”، يجيب المشنوق، “ولكن في الكلام العلني لأمينه العام لم يظهر لديه أي توجه لوضع أسس استراتيجية لعودة الحياة الطبيعية ولو في شكل تدريجي الى لبنان وإنهاء الحصار العربي والدولي، رغم لغة التهدئة التي اعتمدها. عمليا هو يبرّئ حزبه من الصعوبات الداخلية ويرمي المسؤولية على الآخرين، ولكن بالنسبة الى الخارج، هناك تقصير من الحكومات المتعاقبة وهناك الانتشار الإقليمي لسلاح “حزب الله”.

حكومة عهد عون الاخيرة

كيف ينظر المشنوق الى الخيارات المتاحة أمام الحكومة وكيف يصفها؟ “هي آخر حكومة تُشكل في عهد الرئيس ميشال عون”، ويضيف “إما أن تنجح وإما أن يصبح الهدف إسقاط الرئيس وليس الانتخابات النيابية. لم يعد هناك خيارات أخرى، حتى لدى الثوار. في النتيجة هذه الحكومة ستقرر مصير العهد، وليس مصيرها. هي لا تملك رصيداً سياسياً لتخسره، وإنما العهد لديه رصيد يخسره”.

وماذا عن التحرك التصاعدي للشارع؟ الذي يهدد بالوصول الى المطالبة بإسقاط الرئيس؟

“الشارع سيُصعّد لأن مشاكله ستزيد. والرهان على الحكومة، هل تنجح أو لا؟ لستُ مُخيّراً اليوم حيال إعطائها فرصة أو لا. فحاجات الناس أكبر وملحة أكثر. لتأخذ الحكومة فرصة، لمَ لا؟ ولكن هل تنجح؟ هنا السؤال”.

“خطة السلام”

ولكن ماذا عن “خطة السلام” لترمب وتأثيرها؟ لا يستبعد المشنوق أن تخربط “الصفعة” كما سماها، الوضع في المنطقة، “لأن الفلسطينيين سيرفضونها. والأميركيون يرتكبون خطأ استراتيجياً بطرح السلام مع إسرائيل في توقيت هو الأسوأ ربما، وفي ظل الاشتباك الكبير مع الإيرانيين والقوى الحليفة لها، سيما وان الخطة لن تكون منصفة أبدا. ما يعني أن المنطقة ستدخل في صراع جديد، سيكون له تأثيره حتماً على لبنان. وهذا يتطلب أقصى درجات الوعي من الحكومة، ومن القوى المعارضة حول كيفية التعاطي مع المرحلة المقبلة”.

باسيل و”التايوانية”

وفي العودة إلى الشأن اللبناني يستفيض وزير الداخلية الأسبق “كنت واحداً ممن عملوا على تسوية الرئاسة، ولكني كنت من الرأي القائل إن الفراغ الذي عشناه على مدى عامين في سدة الرئاسة كان أخطر بكثير على النظام، من انتخاب رئيس نحن على خصومة سياسية معه، لأن القدرة على التعامل مع الخصم متاحة في لبنان، ولكن إدارة التسوية كما حصلت في الأعوام الماضية هي التي أوصلت الأمور الى هنا”.

لماذا؟ يجيب “لأكثر من سبب. أولاً طبيعة رئيس الجمهورية. لبنان لا يُحكم إلا بالتوافق، ويجب أن يكون هناك مرجعية توافقية في الرئاسة، فلا يكون الرئيس طرفاً. وقد ناقشت هذا الأمر مع الرئيس نفسه، بعدما بيَّنت التجربة أن هذه المرجعية غير موجودة، لأن الرئيس لم يكن حكماً بل طرفاً، ما فاقم المشاكل. الأمر الثاني يتصل بالوزير السابق جبران باسيل الذي سعى الى تقليد كل الزعماء المسيحيين السابقين. وهو لا يملك مشروعية أي منهم، لا بطبيعته ولا بتركيبته. لا يُشبه “فتى العروبة الأغر” كميل شمعون، ولا يُشبه بشير الجميل الذي حمل السلاح في وجه الجيش السوري، واكتسب شرعيته، وهو من سلالة عقائدية مسيحية. ولا حتى شرعية عمه (رئيس الجمهورية)، وهي متعددة بقطع النظر إذا كنا نوافق عليها أو لا، إن حين كان في قيادة الجيش، أو عندما ترأس حكومة عسكرية، أكانت ميثاقية أو غير ميثاقية، أو عندما كان في منفاه الباريسي، أو بعدما أصبح في السلطة. حتى شرعية رئاسة التيار لا يملكها لأنها جاءت بالتعيين وليس بالانتخاب. وهو بالتالي يتصرف من دون شرعية مستعيناً بشرعيات من يحاول أن يتمثَّل بهم. وفي هذا شيء من “التايوانية” (يقصد تقليد الأصلي). وهذا الكلام ليس من باب الشتيمة، ولكن هذه هي الحقيقة، وهذه طبيعته المُعارِضة للمعارَضة كما هو حاصل مثلاً في ملف الكهرباء منذ 11 سنة. هذا الإنكار في حد ذاته هو الذي أوصلنا الى هنا”.

الحريري شريك وليس ضحية

ويصل المشنوق في تفصيله الى الرئيس سعد الحريري، الطرف الآخر في التسوية، فبرأيه لا يمكنه القول إن الحريري كان ضحية إدارة التسوية، “بل كان شريكاً فيها ويتحمل مسؤولية إدارتها. الخلاف معه ليس خلافاً شخصياً بل على إدارة التسوية ومسؤوليته بأن يديرها بشكل مختلف”.

هل هذا يعني أنه قدم تنازلات؟ “لا أقول تنازلات بل استعمل كلمة سوء إدارة التسوية، ما جعلهم يطلبون أكثر وأكثر وأكثر، ليُفاجأوا أنه لمرة قال: لا! وقد وصل الى الاستنتاج نفسه الذي وصلتُ إليه قبل سنتين، وكان السبب في الخلاف بيننا. قراره بالاستقالة كان خطوة الى الأمام، وإدانة للتسوية ولو متأخرةً، والاعتراف بالخطأ علناً فضيلة، لأن سياسة عفا الله عما مضى شارفت الانتهاء. يجب الانطلاق الى آفاق جديدة، ولكن ليس على أساس أن شيئاً لم يحدث، وان المشكلة ليست قائمة. فهي وقعت، وعندما كنت أتحدث عنها، كان يعتبر أنني أقوم بالعرقلة أو المزايدة”. أما عن الرصيف الذي وُصِفتُ في تلفزيون المستقبل (التابع للحريري) أنني صَعَدتُ منه الى النيابة والوزارة، فجوابي أن المجرور هو الأقرب الى الرصيف! منه خرجت مقدّمة نشرة أخبار “المستقبل” وإليه تعود.

على هذا الأساس، كيف يصف المشنوق علاقته بالحريري؟ “هي علاقة جافة. لست خارج السرب. فأنا واحد من جمهور رفيق الحريري وهذه ليست فيها رتبة، وانا منسجم مع نفسي لأنني تحررت، وإذا هو (سعد الحريري) اعتمد السياسة التي اعتمدتها من أعوام، يكون قد عاد الى الأصول والقواعد التي يكون مسؤولاً عنها رئيس الحكومة”. وهل يرى فرصة لحكومة حسان دياب المنزوعة الغطاء السني، وهل يرى الحريري في المعارضة؟ “هو قال إنه سيعطي الحكومة الجديدة فرصة. كما حصل عند تأمين نصاب جلسة مناقشة الموازنة وعدم التصويت. ولنقل الأمور كما هي، في السابق، أيّاً كان رئيساً للحكومة، الكلام في الخارج كانت له إفادة. اليوم لم يعد مفيداً لأن الخارج اتخذ قراره، وهو كان أعطى الفرصة للرئيس الحريري. وأساساً، بعد حصول الحكومة على الثقة، لن تغلق في وجهه الأبواب السنية، أمّا عن جولته العربية، فلا اعرف إذا كان يتحدث عن قطر والكويت. ولكن حتى لو رغبت أي دولة خليجية بمساعدة لبنان، فهذا الأمر لن يتم من دون موافقة أميركية. ولنتذكر ما حصل مع الرئيس الحريري في الإمارات”.

هل من وقت أمام لبنان للتعافي في انتظار معالجة للاستراتيجية الدفاعية؟ “أنا اعتقد أن اللبنانيين هم من سيدفع الثمن، بعدما فقد الشعب الثقة. والوضع سيكون أصعب وأصعب في ظل غياب الثقة. وربما الأمر الجدي الذي نجحت به الثورة هو أنها وضعت حواجز أمام هذه الحكومة واي حكومة، وبأن لا عودة الى الأداء أو السياسات السابقة. وكل وزير يُعاند على طريقة جبران باسيل، سيجد في وجهه معارضة شديدة. وانا مع أن يستمر الحراك في سلميته انطلاقاً من قرار الناس. وفي رأيي، ورغم أنني من المُتَّهَمين، هي من أشرف وأنزه الانتفاضات التي شهدها لبنان على مدى قرن من الزمن، إذ ليست لها أي طبيعة طائفية، بل هي وطنية بامتياز”.