من القطاعات القليلة التي يعوّل عليها لبنان للحصول على تدفقات مالية خارجية هو القطاع السياحي الذي تلقّى اليوم، مع انتشار فيروس «كورونا» والإجراءات المتّبعة لاحتوائه، الضربة القاضية.
بعد إلغاء نسبة كبيرة من الرحلات الجوية من والى لبنان، والتوقعات بمزيد من الإلغاءات وصولاً الى اقفال مطار بيروت واعلان حال طوارئ، سقطت عبارة سياحة وسفر من قاموس اللبنانيين في الداخل والخارج، وتعزّزت مع قرار إقفال المطاعم والمقاهي والملاهي والمرافق السياحية كافة، بالإضافة الى إلغاء الحفلات والمؤتمرات والاجتماعات على أنواعها.
وفيما أدّت الاوضاع الاقتصادية المتردّية الى إقفال 785 مؤسسة في قطاع المطاعم والمقاهي، وصرف 25 ألف عامل وموظف، وذلك منذ أيلول 2019 ولغاية شباط 2020، جاء فيروس «كورونا» ليقضي على ما تبقّى من مؤسسات في القطاع السياحي، كانت لا تزال توظف حوالى 150 ألف عامل قبل قرار الإقفال التام.
وقد اعلن نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي، انّه «لم يعد سراً أنّ القطاع يمرّ في أسوأ أيامه، فاقداً مقوّماته الأساسية: السيولة والقدرة الشرائية والعامل النفسي». قائلاً: «لم تكفنا الضربات المتتالية الموجعة التي تلقيناها من جهات عدة حتى أتت أزمة فيروس «كورونا» كضربة قاضية على آخر أمل».
وأوضح لـ«الجمهورية»، انّ قرار الإقفال كان سبّاقاً واستثنائياً ووطنياً، والهدف منه كان الحفاظ على سمعة القطاع وعلى سلامة الأمن الغدائي وسلامة الرواد والموظفين، وهو الاتجاه المتّبع عالمياً.
أضاف: «جاء فيروس «كورونا» ليقضي علينا كليّاً، ولكن كان لا بدَّ من اتخاد قرار الإقفال. وبما انّ القطاع ملتزم بسلامة الغذاء، التي تطال الموظفين والمطاعم، فقد أبقى على خدمة التوصيل Delivery».
وشدّد الرامي في هذا السياق، على انّ خدمة التوصيل سليمة وتراعي معايير سلامة الغذاء، بدءاً من نظافة الموظفين وصولاً الى سلامة المأكولات وخلوّها من أي جرثومات او فيروسات. ونصح ان يتمّ استلام المأكولات وتفريغها ومن ثم غسل اليدين قبل البدء بالطعام.
وفيما تبلغ نسبة مساهمة القطاع السياحي حوالى 10 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي، اي ما يوازي 5 مليارات دولار سنوياً، فانّ نسب الانكماش المتوقعة للعام 2020 قبل تفشي فيروس «كورونا»، قد تتضاعف الى معدلات مخيفة، لأنّ الدورة الاقتصادية برمَّتها سيصيبها الشلل، وليس فقط القطاعات السياحية.
وحول الخسائر المتوقعة، قال الرامي، انّ كلّ يوم إقفال اضافي للمطاعم سيكبّدها خسائر فادحة، «فالقطاع السياحي يوظف 150 الف عامل بالإضافة الى ارباب العمل وعائلاتهم الذين يعتاشون من هذا القطاع. وأشار، انّ خسارة القطاع السياحي عالمياً بلغت لغاية اليوم 22 مليار دولار، «وفي حين يبلغ الدخل السياحي في لبنان حوالى 5 مليارات دولار سنوياً، فانّ القطاع السياحي (فنادق، مطاعم، ومكاتب سياحية) يتكبّد خسارة تبلغ 500 مليون دولار شهريا».
وفي ما يتعلّق بالموظفين، اشار الرامي، انّ حوالى 2000 مؤسسة منتسبة الى نقابة اصحاب المطاعم أقفلت ابوابها امام الرواد، وهي توظف حوالى 40 ألف عامل «ونحن ملتزمون بدفع رواتب الموظفين بنسبة 50 في المئة لفترة زمنية محدّدة، وفقاً لتطورات الأزمة وقدرات ومخزون ارباب العمل. لن نستغني عن عمالنا بطريقة عشوائية، لأننا سنعيد فتح ابوابنا ونحن بحاجة لفريق عملنا».
من جهته، قال نقيب أصحاب الفنادق بيار الاشقر، انّ الفنادق رغم انّ قرار الإقفال لم يشملها، إلّا انّها ما زالت تفتح أبوابها بنسبة إشغال معدومة تتراوح بين 5 و 7 في المئة، وهي في تراجع يومي، «وبالتالي، فإنّ الفنادق شبه مقفلة» باستثناء فندق Bristol الذي قرّر الإقفال التام.
وأوضح لـ«الجمهورية»، انّ 90 في المئة من الفنادق في لبنان أوقفت وأغلقت 95 من اقسامها وخدماتها، «وهي تعمل بالحدّ الادنى. كما انّ كل الفنادق قامت بتسريح حوالى 17 ألف موظف، وخفّضت رواتب الأجراء الحاليين الى النصف أو حتّى ربطتها بنسبة ايرادات الفندق الشهرية».
وتوقّع الاشقر، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم من تدهور اقتصادي مصحوب بتفشي فيروس «كورونا»، ألاّ تصمد أي مؤسسة سياحية لوقت طويل. مشيراً الى صعوبة اتخاذ قرار بإقفال الفنادق، رغم انّ الاقفال أقل كلفة من التشغيل اليوم في ظل انعدام الحجوزات، «إلّا انّ الفنادق مرتبطة مع مؤسسات دولية بالنسبة للحجوزات، وبالتالي فإنّ الإقفال التام لأي فندق قد يؤدي الى شطبه عن لائحة المؤسسات السياحية الدولية»، لافتاً الى صعوبة وكلفة العودة الى سوق الحجوزات الدولية بعد الخروج منها.
اما بالنسبة للأعباء المالية والتزامات الفنادق تجاه المصارف والدولة، تحدث الاشقر عن فوضى عارمة في هذا الاطار: «لا الدولة عم تدفع ولا المصارف عم تدفع ولا القطاع الخاص عم يدفع! خبصة كبيرة وفوضى بالرؤية وبالتنظيم!»
الجمهورية