يبدو انّ انفجار 4 آب وما سبّبه من أضرار في الممتلكات أعاد النظر في توجهات اللبنانيين الاستثمارية، إذ بعد الهجوم على شراء الشقق كوسيلة لتحرير الاموال العالقة في المصارف، تحوّل نظر المستثمرين الى شراء الاراضي تجنباً لأي أضرار محتملة في المستقبل.
لا يزال القطاع العقاري في لبنان مركز جذب استثماري رغم تغيّر الأهداف بين الأمس واليوم، فهو اليوم ملاذ المودعين لتحرير أموالهم العالقة في المصارف، بينما كان في الأمس نقطة جذب استثماري لضمان الأرباح. لكنّ الاسباب وإن تعددت، فالنتيجة واحدة لجهة استمرار الإقبال على شراء العقارات.
أشارت نائبة رئيس جمعية مطوري العقار redal في لبنان ميراي قراب أبي نصر لـ”الجمهورية” الى انّ حالة من الجمود سيطرت على القطاع العقاري إبّان انفجار 4 آب، لأنّ عدداً كبيراً من اللبنانيين سبق واشترى شقة او محلاً تجارياً في الاشرفية لإخراج أمواله من المصارف فتضررت بفِعل الانفجار. وقد تبع انفجار المرفأ أحداث عدة من قدوم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى لبنان الى المبادرة الفرنسية، فكان اللبنانييون في وضع انتظار لمعرفة ما ستؤول اليه امور البلد، وهل فعلاً ستتحسّن الاوضاع بعد هذه الكارثة والفاجعة التي ألَمّت بلبنان والجريمة التي ارتكبت في حق اللبنانيين.
وتابعت: إعتباراً من الاسبوع الماضي يمكن القول انّ الحركة عادت مجدداً الى القطاع لأننا بتنا على ابواب العودة الى المدارس، فالمتضررون خصوصاً باتوا مُجبرين على تدبير امورهم في اسرع وقت. كذلك لاحظنا ارتفاعاً في الطلب على المكاتب بعد الاضرار الكبيرة التي لحقت بها، والتي تحتاج الى حوالى الشهرين الى ثلاثة أشهر لتصليحها.
أما بالنسبة الى الطلب العقاري، فقد لاحظنا انه بعد الانفجار تغيّر التوجّه العام في الاستثمار او المكان الأصَح لركن الاموال في حال أراد المودع إخراجها من المصارف. لذا، نلاحظ انّ بعض الفئات أعادت النظر في خيار شراء الشقق وتتّجه نحو شراء الاراضي، لأنّ هذا الحل برأي البعض يبقى الأكثر أماناً، إذ في حال حصل حدث أمني او انفجار آخر فإنّ تكاليف التصليح ستكون باهظة.
من جهة أخرى، أكدت ابي نصر انّ مخزون الشقق لدى المطوّرين العقاريين المديونين للمصارف تقلّص كثيراً وقد تمّ تسديد نحو 50 في المئة من ديون المطورين للمصارف، والتي تتراوح ما بين 4 الى 5 مليارات دولار، علماً انّ مجموع ديون القطاع ما بين مطورين عقاريين وقروض سكنية تقدّر بنحو 20 مليار دولار.
وعن الاسعار تقول ابي نصر انها ارتفعت نتيجة ازياد الطلب وارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة. فهدف المطوّر او الفرد المديون للمصارف يختلف عن غير المديون. في الحالة الاولى رفع المطوّر قليلاً من أسعاره لتعود الى المستوى نفسه التي كان معمولاً بها في الاعوام 2014 – 2015، لأنه بعد هذه السنوات تراجعت اسعار العقارات في لبنان. امّا في الحالة الثانية، أي من ليس لديه ديون تجاه المصارف، فإنّ هدفه من البيع الحصول على دولارات لإخراجها من لبنان، لذا رفعَ من اسعار عقاراته ربما 40 او 60 واحياناً 70 في المئة لتعويض فرق الخسارة التي يتكبّدها جرّاء شراء الدولار وإخراجه من لبنان. أمّا بعد الانفجار ومع مشارف اقتراب مخزون المطورين على الانتهاء، بقي الافراد الذين يهدفون من وراء بيع العقار الحصول على اموال نقدية لإخراجها من لبنان، فعمد بعض هؤلاء الى طلب تسديد المبلغ او نسبة مئوية منه على شكل fresh dollar مع إجراء حسم على البيع وصل الى نحو 40%. ويمكن القول انه اعتباراً من تموز بدأنا نلاحظ انّ كل من يريد بيع عقار بات يطلب المَزج بين شيك مصرفي ودولار كاش.
ورداً على سؤال أوضحت ابي نصر ان لا هجمة مغتربين على شراء العقار في لبنان للاستفادة من الحسومات جرّاء الدفع نقداً، لأنّ غالبية المغتربين لديهم ودائع عالقة في المصارف ولأنهم ليسوا بحاجة اليها راهناً، فهم كانوا أوّل من اتجه نحو شراء العقار، لكن بعدما تراجع العرض على المناطق الجاذبة مثل وسط بيروت، أشرفية، فقرا، مَضوا في خيار دفع نسبة من العقار بواسطة شيك مصرفي والجزء المتبقي نقداً للاستفادة من الحسومات. أمّا المناطق الأكثر جذباً، والتي شهدت هجمة عقارية في الفترة الماضية، فهي: المناطق الساحلية في جبل لبنان وبيروت، جبال كسروان فقرا كفرذبيان وفاريا، على اعتبار انها مناطق آمنة. وشددت أبي نصر على ضرورة أن يتنبّه المواطن الذي يريد الاستثمار في القطاع العقاري الى حسن اختيار المنطقة، لأنّ ركن الاموال في منطقة غير جاذبة يصعب فيها تسييل العقار مستقبلاً هو بمثابة دفن للأموال.
الجمهورية