حتى دخان “سيدرز” سيصبح عصيّا على الفقراء…بـ5000 وأكثر

حتى دخان “سيدرز” سيصبح عصيّا على الفقراء…بـ5000 وأكثر

- ‎فيالمحلية

لم يعُد باستطاعة الفقراء ومتدني المداخيل الحصول على أي نوع من السجائر بأسعار زهيدة، حتى علبة “سجائر الفقراء” كما يسمّيها البعض أو “السيدرز” فاق سعرها اليوم ما كانت عليه علبة سجائر “المارلبورو” في وقت سابق.
ارتفعت أسعار السجائر على أنواعها بشكل رسمي بنسب متفاوتة تصل إلى نحو 300 في المئة لعلبة السيدرز، على سبيل المثال، ووصلت أسعار بعض أصناف السجائر المصنّعة في لبنان إلى 12750 ليرة بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار. وهي معرّضة إلى مزيد من الارتفاع بالتوازي مع ارتفاع سعر صرف الدولار الذي قارب 9500 ليرة في الساعات الماضية.
يتساءل كُثر عن سبب ارتفاع أسعار السجائر، لاسيما الوطنية منها، كونها منتج محلي غير مستورد. واقع الإنتاج يؤكد أن لا منتج صناعياً محلياً بحتاً على الإطلاق. لكن المفاجأة الأكبر تكمن في أن السجائر الوطنية (السيدرز) لا تحتوي على تبغ لبناني سوى بنسبة 5 في المئة فقط. إذاً، أين يتم استهلاك إنتاج التبغ اللبناني الذي تتسلّمه إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي”؟
الغالبية الساحقة من المواد المستخدمة في صناعة السجائر، ومن بينها التبغ، يتم استيرادها من الخارج. أي أنه يتم تسعيرها بالدولار الأميركي. ويؤكد رئيس مصلحة البيع في الريجي، حسين سبيتي، في حديث إلى “المدن”، أن سجائر السيدرز هي نكهة أميركية American blend باعتبار أن هذه النكهة مطلوبة عالمياً. أما في ما خص التبغ اللبناني الجنوبي، فهو تبغ شرقي و”عموماً هو غير مرغوب كنكهة، إنما يتم تطعيم نكهة سيجارة السيدرز به، وبنسب متدنية جداً، لا تتجاوز 5 في المئة فقط. والباقي هو تبغ مستورد من أميركا والبرازيل”، يقول سبيتي، وغير ذلك لا يمكن أن ننتج الدخان في لبنان.
وعن مصير باقي إنتاج التبغ اللبناني أي الـ95 في المئة منه، فإن الريجي تقوم بمقايضته مع دول أخرى على أصناف تبغ مختلفة. ونظراً لكون التبغ في السجائر الوطنية هو أميركي أو برازيلي بنسبة 95 في المئة، كذلك المطبوعات والكرتون الذي تُغلف به عُلب الدخان، والورق وكافة المواد الداخلة في تصنيع الدخان، يتم استيرادها من الخارج من قبل التجار. وبالتالي، يتم تسعيرها بالدولار. وذلك كله يعني أن لا إنتاج وطنياً من السجائر. الأمر الذي يؤكده سبيتي بقوله “ليس هناك من صناعة وطنية”.
وتنتج إدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية “الريجي”، اليوم، نحو 35 صنفاً من السجائر، مثل “كنت” و”غولواز” و”جيتان”، وغيرها من الأصناف. في المقابل، تتكلّف سنوياً ما لا يقل عن 120 مليون دولار على استيراد مواد أولية، ومنها التبغ وسجائر مستوردة. وتواجه، بحسب سبيتي، أزمة كبيرة بالسيولة، خصوصاً أن للمصارف دوراً كبيراً في ذلك: “فالمصارف تمتنع عن تقديم أي تسهيلات أو استثناءات للريجي، لسداد تلك المستحقات، على الرغم من أن الريجي مؤسسة وطنية”.
يستحيل على الريجي أن تبيع إنتاجها من السجائر بالليرة اللبنانية أو بالدولار وفق سعر الصرف الرسمي، يحسم سبيتي الأمر، ويقول “في حال اعتمدت الريجي البيع بالليرة فمن المؤكد أن يكون مصيرها الإفلاس، ليس بالمدى البعيد إنما خلال شهر واحد فقط، نظراً لارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير وتسارع ارتفاعه بشكل مستمر: “فالريجي لم تسعر بالدولار إلا لتحافظ على استمراريتها وتجنب الإفلاس”، يقول سبيتي. وقد أتاحت الريجي للتاجر سداد ثلث فاتورة البضائع وفق سعر الصرف الرسمي 1508 ليرات، والثلث الثاني بموجب شيك مصرفي، والثلث الثالث نقداً بالدولار الأميركي.
تقارن الريجي بين سعر علبة السيدرز بـ1250 ليرة حين كان سعر الدولار ب1500 ليرة وبين سعرها اليوم 3750 ليرة والدولار يتجاوز 9000 ليرة. فترى أن ارتفاع سعر علبة السجائر لم يواز ارتفاع سعر صرف الدولار البالغ ستة أضعاف ما كان عليه سابقاً. لكنها لم تلتفت إلى أن مستهلكي هذا النوع من الدخان هم غالباً من الفقراء ومحدودي الدخل وسيعجزون عن تأمينه بسعره المضاعف. وبالتالي، من المرجّح أن تخسر الريجي شريحة واسعة من المستهلكين. أضف إلى أن المتاجر غالباً ما تخالف الأسعار المحددة من قبل الريجي. وهو ما ثبت اليوم حين باشرت المتاجر ببيع علبة سجائر السيدرز بـ4000 ليرة.
تعتمد الريجي اليوم في تسعير بضائعها على الدولار، وفق سعر صرف 4750 ليرة. وهي نصف القيمة الحقيقية للدولار في السوق السوداء. لكن الأسعار الجديدة المرتفعة لن تكون أسعاراً نهائية. فمع استمرار ارتفاع الدولار أكثر، ستلجأ المؤسسة إلى إعادة النظر بأسعارها ورفعها من جديد.
فتوقعوا أن تشتروا في يوم قريب علبة سجائر السيدرز بـ5000 ليرة وربما أكثر.

المدن