صيدا تلتزم الإقفال العام والتجّار: نعم… أفلسنا والدولة في غيبوبة
يصبّ الصيداوي منصور شامية جام غضبه على قرارات حكومة تصريف الأعمال بالإقفال العام، ضمن إجراءات التعبئة لمواجهة انتشار جائحة “كورونا”، مع الإرتفاع المتزايد في أعداد الإصابات، يصفها بالإرتجالية وغير المُجدية، وتدفع الناس الى خيارين: المرض أو الجوع، وكِلاهما موت بطيء.
وشامية، الذي يعمل في أحد المحال التجارية في أسواق صيدا، أُجبر على التوقّف عن العمل بعد الإلتزام بالإقفال، وهو مُعيل أسرة مؤلّفة من أربعة أشخاص، يتساءل “كيف سأعيش في هذين الأسبوعين؟ وكيف سأوفّر لقمة العيش لعائلتي؟ ومن أين سأدفع إيجار المنزل واشتراك المولّد الكهربائي نهاية الشهر، إنّها كارثة”، مُعتبراً أنّ “الحلّ الأجدى هو التعايش مع “الفيروس” بإجراءات احترازية، خصوصاً وأن المحال التجارية الخاصة بالثياب والأحذية والهدايا، لا تشهد عادة ازدحاماً كثيفاً، كما حال الكثير من السوبرماركت والمؤسسات العامة والخاصة لأنها باتت من آخر اهتمامات الناس”.
نعم أفلسنا
وصرخة شامية، التي لم يمض عليها أكثر من ثلاثة أيام فقط على الإقفال العام، تُلخّص معاناة مئات الموظّفين والعاملين في القطاع التجاري في المدينة، كما أصوات التجّار والهيئات الإقتصادية الصيداوية التي تناشد بالإستثناء، بعد دخولها جدّياً في مرحلة الإفلاس الحقيقي، لتراكم الأزمات التي شدّت الطوق عليهم الى حدّ الاختناق والموت، وباتوا كمن “يجرم العظم ليقتات على الفتات”.
“أسواق صيدا التزمت بالإقفال على مضض، لأنّنا لا نريد أن نكسر قرار الدولة”، يقول رئيس جمعية تجّار صيدا وضواحيها على الشريف لـ”نداء الوطن”، قبل أن يُضيف بحرقة “لكنّنا أفلسنا، نعم أفلسنا والدولة في غيبوبة ولم تتّخذ قرارات صائبة لدعم القطاع التجاري الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، تفرض الإغلاق من دون تأمين بديل أو وقف الضرائب والرسوم المالية والبلدية، وغالبية التجّار يقعون تحت العجز والدين، وغير مضمونين وأموالهم محجوزة في المصارف وتتوالى عليهم الأزمات، كيف سيصمدون؟ وقد يجدون أنفسهم في نهاية الشهر غير قادرين على تسديد ما يتوجّب عليهم من مستحقّات مالية، حتى رواتب الموظفين أو العاملين وحتّى تأمين لقمة عيشهم، نعم الوضع كارثي”، وأشار الى أنّ اجتماعاً سيعقد اليوم الإثنين لكافة جمعيات التجّار في لبنان لاتّخاذ موقف موحدّ ممّا يجري، وقال:”نحن نقدّر خطورة الوضع الصحّي، ولا نريد أن نكسر قراراً، ولكنّنا في الوقت نفسه نطالب بإعادة النظر بعدم شمول هذا القطاع بقرار الإقفال، خصوصاً وأنّه لا يشهد اكتظاظاً وإقبالاً كبيرين من المواطنين، مقارنة مع محال بيع المواد الغذائية، كذلك فإنّ التجّار يراعون كلّ الإجراءات الوقائية”، مشيراً الى “أنّنا في سوق صيدا التزمنا، ومن غير المقبول أن تقفل محال السوق وتبقى المحال عند اطراف المدينة وفي ضواحيها غير ملتزمة، وسنقوم بجولة للتأكّد من الأمر، وعلى الجميع أن يلتزم لحين التوصّل الى حلّ عادل لجميع التجّار”.
إقفال ودوريات
وبالرغم من صرخة التجّار، التزمت المؤسسات والمحال في وسط المدينة التجاري كلّياً بالإقفال، بينما تفاوتت نسبة الإلتزام في محيط وسط المدينة وأحيائها الداخلية وعلى الأوتوستراد الشرقي، حتى حركة السير في شوارع المدينة الرئيسية والداخلية تأثّرت جزئياً، مع العطلة الأسبوعية للدوائر والمؤسسات الرسمية والمصارف، بينما فتحت بعض محال الصيرفة أبوابها، لكنّ حركة المواطنين باتجاهها بقيت خفيفة مع ارتفاع تدريجي في سعر صرف الدولار الأميركي.
وأغلقت بلدية صيدا شاطئ المسبح الشعبي أمام رواده، وعمل القيّمون على المسبح والشاطئ على تفكيك الخيم ورفع الطاولات والكراسي من على الشاطئ الذي بدا خالياً تماماً الا من بعض السابحين الذين غامروا لبعض الوقت بارتياد البحر، وغادروه بعدما رصدتهم أعين الشرطة البلدية والدرك وقوى الأمن الداخلي التي سيّرت دوريات للتأكّد من الإلتزام بالإقفال الذي شمل ايضاً المقاهي المنتشرة على واجهة صيدا البحرية وقبالة كورنيشها البحري، وقد خلا من رواده المعتادين في يومي السبت والأحد من كل أسبوع، ومن خرق منهم القرار كانت له بالمرصاد.
إجراء فحوصات
وفي خطوة داعمة، جرى استحداث مركز في مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الرياضية بالتنسيق والتعاون بين البلدية (غرفة إدارة الأزمات والكوارث ولجنة الصحة والبيئة) ووزارة الصحّة ومركز الترصّد الوبائي لإجراء فحوصات PCR مجانية وذلك يومي الإثنين والأربعاء، على أن يشمل الحالات المُخالطة مع مصابين بـ”كورونا”، والتي يتم تحويلها من غرفة عمليات البلدية.
وأكّدت بلدية صيدا أن عدد المصابين والذين تتمّ متابعة حالاتهم حالياً في صيدا وضواحيها، بلغ 67 إصابة منها 34 إصابة في مخيم عين الحلوة، وذلك وفقاً لإحصاء غرفة العمليات، داعية المواطنين والمقيمين في صيدا وضواحيها والمخيمات الفلسطينية الى التعاون والتحلّي بأعلى قدر من المسؤولية والإلتزام بالمقرّرات الصحية من أجل عدم تفشّي عدوى الفيروس في المجتمع ومواجهة مخاطره، بعد إزدياد أعداد المصابين بشكل لافت وكبير في مختلف المناطق اللبنانية.
فريق طبي
ووصل الى مستشفى صيدا الحكومي ثلاثة أطباء عسكريين من كازاخستان متخصّصين في الجراحة العامة وجراحة العظم والبنج، لتقديم المساعدة الطبية واللوجستية للمستشفى، في إطار مبادرة من جمهورية كازاخستان لدعم جهود القطاع الإستشفائي اللبناني في مواجهة الأزمات بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت، وحملوا معهم كمّية من المساعدات الطبّية عبارة عن أدوية. وجاء قرار إيفاد الكوادر الطبية العسكرية إلى لبنان بتوجيه من الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توقاييف، فتمّ إرسال فريق مؤلّف من 29 طبيباً و4 مترجمين فوريين من القوات المسلحة الكازاخستانية، ونسّق المبادرة القنصل الفخري لكازاخستان في لبنان يوسف كنعان الذي يشغل ايضاً مهام مدير شركة “CCC” في بيروت والتي قدّمت بدورها خمسة أجهزة تنفّس اصطناعي لمستشفيات حكومية في لبنان.
المصدر/ محمد دهشة – جريدة نداء الوطن