ضاع البلد”… مظاهر الإنهيار تتواصل فصولاً وتقنين في المياه بعد الكهرباء والمولّدات في صيدا

ضاع البلد”… مظاهر الإنهيار تتواصل فصولاً وتقنين في المياه بعد الكهرباء والمولّدات في صيدا

- ‎فيأخبار صيداوية

ضاع البلد”… جملة تختصر وجع الناس في صيدا وهي تتفاقم يومياً، يتردّد صداها في مختلف ارجاء المدينة، في المساجد حيث اقيمت صلاة الجمعة وسط اجراءات وقائية لمنع انتشار “كورونا”، أمام محلات الصيرفة حيث واصل الدولار تحليقه ملامساً العشرين الف ليرة لبنانية، وفي اسواق الخضار والسوبرماركت حيث الشكوى من الغلاء وارتفاع الاسعار، وبين الصيدليات حيث رحلة البحث عن الادوية المفقودة من دون جدوى، وامام محطات الوقود حيث طوابير الاذلال والانتظار لساعات طويلة.

ويؤكد الحاج مصطفى السنّ لـ”نداء الوطن” ان رحلة البحث عن دوائه المخصّص للمعدة استغرق اكثر من ساعة بعدما تنقّل بين صيدلية وأخرى، في ظل بدء الاضراب المفتوح والاقفال الذي دعا اليه “تجمّع اصحاب الصيدليات”، حيث التزمت الغالبية في المدينة للمطالبة بتأمين الادوية التي فُقدت منذ اشهر حتى باتت خالية منها، وسط شكوى مشتركة من اصحابها والمرضى معاً.

ويقول السنّ: “لم اتفاجأ بإضراب الصيدليات نتيجة انقطاع الادوية الدائم، وكثيراً ما تعرّض اصحابها للاحراج والشتائم وكأنهم السبب، لقد وصلنا الى الانهيار والانفجار، لقد ضاع البلد وبات كهيكل عظمي بلا روح ولا دماء ولا حياة”. وفي جولة ميدانية، تبين ان غالبية الصيدليات أقفلت أبوابها للمطالبة بوضع حدّ لإنهيار القطاع قبل فوات الأوان وإصدار لائحة بأصناف الادوية المدعومة كي تفرج الشركات والوكلاء عن مخزونها، بينما فتح عدد قليل منها على قاعدة انه لا نريد ان نزيد من معاناة المرضى، بعدما بات يتوجّب على المريض القيام بجولة عليها للحصول على الدواء اذا وجد.

ومظاهر “ضياع البلد” لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل تواصلت فصولاً وانهياراً في مختلف الاتجاهات، على ارض الميدان، في البيانات الرسمية التي اعلنت عن توقف خدمة او اطلاق نداء اخير قبل توقفها. مؤسسة كهرباء لبنان نعت الضوء بعد توقف كل من معمليّ الزهراني ودير عمار نتيجة نفاد مخزونهما من مادة الغاز أويل، أصحاب المولدات بدأوا ساعات من التقنين بسبب شح مادة المازوت وفقدانها الا من السوق السوداء وبضعف ثمنها.

و”ضياع البلد” دقّ ناقوس الخطر من فقدان ما تبقّى من خدمات، اذ اعربت “اوجيرو” عن خشيتها من انقطاع النت ارتباطاً بأزمة الكهرباء والمازوت، وقرّرت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي اعتماد مبدأ التقنين أسوة بغيرها “بعدما تم قطع الكهرباء عن منشآتنا كافة ومحطات انتاج وتوزيع المياه الكبرى، وعدم تأمين التيار الكهربائي حتى عبر خطوط الخدمات العامة، وبسبب قلة مخزون المازوت المتوافر، فإنها ستبدأ بتقنين توزيع المياه الى الحدود الدنيا، علماً ان هذه الكميات المتوافرة لا تكفي الا لفترة قصيرة جداً ستتوقف بعدها كل منشآتها ومحطاتها عن ضخ وتوزيع المياه، وعليه تطلب من السادة المشتركين اخذ العلم، وترشيد استخدام المياه والحفاظ على الكميات المتوافرة لديهم حتى إشعار آخر”.

ويقول الصيداوي رامي بيطار لـ”نداء الوطن”: “الحق علينا، لقد صبرنا على كل شيء من دون ان نحرّك ساكناً، حتى وصلت الامور الى الخطوط الحمر التي تمسّ حياة الناس مباشرة، مثل الدواء والكهرباء والمياه، على الجميع التحرّر من الخوف والنزول الى الشارع للتعبير عن الرفض حتى رحيل الطبقة السياسية الحاكمة التي تحقن الازمات بالبنج من دون علاج”. والنزول الى الشارع وإعادة النبض الى الحراك الاحتجاجي كان مدار نقاش طويل بين ناشطي المدينة، انقسمت آراؤهم بين متحمّس ومتحفّظ من الجدوى طالما لم تكن الاعداد كبيرة ومؤثرة في المسار لتحقيق الاهداف، ولم يخلُ الامر من انفعال البعض هنا او هناك، نزلوا الى الشارع واقفلوا طريقاً بحاويات النفايات او العوائق الحديدية للتنفيس عن الغضب.

المصدر| محمد دهشة – نداء الوطن