“كوخ البلد” .. مشروع مهندس فلسطيني لم يجد عملاً في لبنان

“كوخ البلد” .. مشروع مهندس فلسطيني لم يجد عملاً في لبنان

- ‎فيأخبار صيداوية

يلاحظ كل من يمر من حي الزيب باتجاه حاجز الحسبة على مدخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين جنوبي لبنان، ألواناً زاهية لكوخ خشبي صغير وبداخله شاب في مقتبل عمره يجلس وراء طاولة مليئة بألواح الشوكولاتة والبسكويت وعلب الدخان.

يسأل المارة عن سر الجمالية الهندسية في تصميم الكوخ ليتفاجؤوا بعدها أنه مشروع العمر لمهندس فلسطيني أغلقت بوجهه أبواب العمل، لكنه رفض أن يهدد شبح البطالة حياته.

بألوان زهية وديكورات متواضعة، بنى الشاب الفلسطيني مصطفى خليفة ذي الـ 25 عاماً مشروعه المتواضع من الصفر، ليكون مصدر رزق له ويتغلب بذلك على البطالة المتفشية في المخيمات، وأسماه “كوخ البلد”.

رفضوا توظيفي كوني فلسطينياً
في حديث لـ “بوابة اللاجئين الفلسطينيين”، يقول مصطفى خليفة وهو خريج هندسية كهرباء من جامعة بيروت العربية: “تقدمت بطلب توظيف لدى عدد كبير من الشركات في مجال تخصصي، وأجريت عدة مقابلات مع أكثر من شركة، لكنهم جميعاً رفضوا توظيفي كوني فلسطينياً، رغم تميزي في هذا التخصص، فأنا أعمل بمفردي بكل ما يتعلق بالكهرباء، ولست فقط خريج هندسة كهرباء”.

يضيف: ولدت فكرة كوخ البلد عندما كنت ذات مرة جالساً أنا وأصدقائي بمنطقة اسمها Food Truck في مدينة صيدا وهو مكان جميل جداً ومميز، حينها قال أحد أصدقائي كم أن هذا المكان منجز بطريقة دقيقة وصعبة، حينها جاءني دافع بأنه لا يوجد شيء من الصعب صنعه، وتولدت بداخلي طاقة أن أتحدى نفسي وأتحدى أصدقائي أنه يمكنني إنجاز مثل هذا الشيء”.

يتابع: “كنت أملك مبلغاً صغيراً من المال وبدأت أفكر كم أحتاج من الحديد والخشب وأخطط لكي أنجز هذا العمل. في شهر نيسان/ أبريل عام ٢٠١٩ بدأت بالعمل الذي استغرق نحو ثلاثة أشهر، وذلك كوني كنت أنجزه بمفردي لأني لا أملك ما يكفي من المال لإحضار عمال للدهان والخشب. فاشتريت الحديد وحسبت مقاساتهم، وقمت بقصهم وبدأت بعملية التلحيم وبعدها الدهان واشتريت الخشب واخترت ألواناً جميلة لكي تجذب الناس لقصد الكوخ والشراء”.

“في شهر آب/ أغسطس 2019 أبصر كوخ البلد النور، ومنذ ذلك الحين يشهد إقبالاً كثيفاً من أهالي المخيم، إذا يقصده حوالى 70% من سكانه، بحسب خليفة.

جائحة كورونا وأزمة الدولار أثرت بشكل سلبي على العمل
يؤكد: “الأولاد لا يشترون من عندي البوظة والفريسكو فقط لأنها شهية، إنما تجذبهم ألوان الكوخ وبات لدي زبائن من مختلف أحياء المخيم. تأتي الأولاد لاتقاط الصور داخل الكوخ كون ألوانه جاذبة ويتناولون البوظة ويقومون بدعوة أصدقائهم للجلوس معهم”.

ويشير إلى أنه “عند انتهاء فصل الصيف وقعت في مشكلة كبيرة، وهي أن البوظة والفريسكو التي اشتهر بها كوخ البلد لم تعد تباع. وبات لدي مأزق كيف سيقوم بدفع إيجار الأرض، حينها لجأت إلى بيع القهوة والدخان. إذ كان العمال يقصدون الكوخ صباحاً لشراء القهوة وعلبة الدخان. من هنا تحول الكوخ إلى كافيه”.

ويقول: “لم أكتفِ بهذا القدر من التطور في الكوخ، فقد فكرت بتوسيع فكرته وتحويله إلى مكان يقصده الناس لتناول الفطور أو الغداء كمحل سناك سندويشات وشرب العصائر اللذيذة، وكنت أطمح أن أحقق هذا الهدف مع حلول عام 2021، إلى أن جاءت جائحة كورونا واشتدت الأزمة الاقتصادية في لبنان ما حال دون تحقيق ما أريد”.

“جائحة كورونا وأزمة الدولار أثرت بشكل سلبي على المصالح، فسابقاً كنا قادرين أن نربح الكثير من المال وندخر منه، ولكن الآن بسبب الوضع الاقتصادي بالبلد والأزمة التي نعيشها أصبحنا بالكاد نعيش”، وفقاً لخليفة.

ويرى أن “مردود الكوخ لم يعد يكفي أن يطور به مصدر رزقه، لكنه مستمر به لكي لا يرضخ للبطالة ويجلس في منزله”.

ويدعو خليفة “جميع الشباب الفلسطينيين المتعلمين وغير المتعلمين أن لا ييأسوا لعدم وجود أشغال شاغرة. فالجميع قادر على ابتكار أعمال من خلال شغفهم وموهبتهم أو أي شيء يحبونه يستطيعون الإبداع به”.

ميرنا حامد