أسباب عديدة تقف عائقاَ أمام الشباب اللبناني قبل الإقدام على الزواج والإنجاب خوفا من أن خطوة غير محسوبة من شأنها أن تزيد من صعوبات الحياة اليومية؛ فلم يعد إنجاب الأطفال سهلاً في أكثر الأسر اللبنانية بسبب الأعباء المالية المرتفعة جراء الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ عامين.
وبحسب دراسة أعدتها “الدولية للمعلومات” (نشرة إحصائية محلية) نشرت في شباط 2021 أفادت أن “الأزمة الاقتصادية وتفشي وباء كورونا تركا انعكاساتهما على الأوضاع في لبنان، فأغلقت آلاف المؤسسات وصرف آلاف العمال وانكمشت الحركة التجارية بنسبة 45% وتراجعت القدرة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار وانهيار سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية.
وأضافت الدراسة حينها أن من “التداعيات الاجتماعية تراجع معدلات الزواج والولادات في عام 2020 مقارنة بعام 2019 ومقارنة بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة (2015-2019)، في حين ارتفعت معدلات الوفيات.”
تراجع حيوية الشعب اللبناني
في هذا السياق قالت مصادر لدى المرجعيات الدينية في معظم الطوائف في لبنان لموقع ” سكاي نيوز عربية ” أن معاملات الزواج توقفت جزئياً لأنّ الناس فعليًا لا يضمنون المستقبل بسبب الظروف الراهنة، ولكن هذا يختلف بحسب الطوائف والمناطق.”
وقال أحد “مخاتير” العاصمة بيروت: “لا يمكننا القول إن معاملات الزواج وعقود القران قد توقفت بشكل كامل، لكننا نجزم بأن عدد هذه المعاملات قد تراجع بشكل خطير وملحوظ.”
أزمة حليب وحفاضات!!
وعلق زياد وهو مهندس في بداية حياته المهنية قائلاً لسكاي نيوز عربية: “طبيعي أن يفكر الشاب كثيراً قبل الإقدام على الزواج في البداية، وعلى الإنجاب في وقت لاحق، هذا يعود إلى المسؤولية المجتمعية والاقتصادية بدءاً من تأمين المسكن اللائق في أسوأ أزمة اقتصادية يمر فيها لبنان في تاريخه، وصولاً إلى الإنجاب وتربية الأطفال وتأمين المستلزمات والغذاء للمواليد الجدد من حليب وحفاظات وعناية طبية تكاد تكون مفقودة من الصيدليات، وإذا وجدت تكون أسعارها مرتفعة”.
انكماش طبي وإغلاق لأقسام الولادات
وقال الطبيب المتخصص في الولادة والأمراض النسائية بيار النخل في حديث خاص لموقع سكاي نيوز عربية: “ما يجري في لبنان من تراجع في نسبة الولادات ناجم عن إحجام الشباب والفتيات عن الزواج وتشكيل عائلة بسبب الوضع الاقتصادي”.
وأضاف: “من الناحية الطبية ينعكس تراجع مستوى الولادات على مدى جهوزية الطواقم الطبية، ما دفع العديد من المستشفيات إلى إغلاق أقسام الولادة فيها “.
اللبنانيون نحو العقم الطوعي!
وتابع الطبيب: “الكلام عن تحويل البلاد إلى “العقم الطوعي” كما أشيع منذ فترة هو مصطلح غير دقيق وليست هناك إحصاءات دقيقة عن تراجع نسبة الولادات حتى حينه، إنما هناك ما نسميه “التخطيط للإنجاب”، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التراجع في نسبة الولادات ظاهرة عالمية، ومنها ما هو متوقع وما هو غير متوقع، والأخير خاضع للتغييرات الاجتماعية والعامل الاقتصادي حالياً له الأولوية، وهو المسؤول عن تأخير سن الزواج عند الجنسين بسب الأعباء الاقتصادية الملقاة على عاتق أي شخصين مقبلين على الزواج خصوصا في لبنان”.