لا سنة دراسية بلا تمويل!

لا سنة دراسية بلا تمويل!

- ‎فيالمحلية

هل تحمل خطة وزير التربية للعام الدراسي المنوي إطلاقه، نهاية أيلول، حلولاً للهواجس التي سمعها من مكونات الأسرة التربوية لجهة تعذر بدء سنة جديدة من دون دعم المعلمين والأهالي؟ هذا الدعم تشترطه المدارس الخاصة للانطلاق في تعليم حضوري بالكامل فيما ترفض المدارس الرسمية فتح أبوابها ما لم يجر تحسين للرواتب
«لن يكون بمقدور أي من مكونات الأسرة التربوية بدء عام دراسي جديد بلا تمويل التعليم»، هذا ما أبلغه ممثلو المعلمين وأهالي الطلاب وإدارات المدارس الخاصة لوزير التربية طارق المجذوب الذي يعلن، اليوم، خطة العودة إلى الصفوف. القطاع الخاص، بمؤسساته ومعلميه ولجان الأهل فيه، بدا مصراً على التعليم الحضوري بالكامل شرط إيجاد حلول للمعوقات لا سيما كلفة التنقل وثمن المحروقات، مطالباً بدعم الدولة والجهات المانحة للمعلمين والأهالي «المتعثرين». في التعليم الرسمي، لا تراجع، بحسب ممثلي الروابط، عن قرار عدم البدء بالعام الدراسي، بما في ذلك الأعمال الإدارية، قبل تحسين رواتب المعلمين. وقد رفض هؤلاء عرض الوزير تسيير تسجيل الطلاب بالحد الأدنى لمعرفة الأعداد والبناء على داتا معينة من أجل طلب مساعدة الدول المانحة، «باعتبار أن التسجيل مرتبط بالعام الدراسي المقبل، ولا يمكننا كسر القرار النقابي، والعودة إلى المدارس تحتاج إلى جمعيات عمومية للمعلمين»، على ما قال رئيس رابطة المعلمين الرسميين حسين جواد. الوزير أبلغ الروابط بأن لديه خطة (أ) للتعليم الحضوري ويعطيها الأولوية، وخطة (ب) للتعليم عن بعد، «فكان جوابنا أننا لسنا ضد فتح المدارس إذا تأمنت المقومات: الاستشفاء وتحسين الرواتب». جواد أشار إلى «أننا طالبنا بإعطاء سلف على غلاء المعيشة توازي قيمة غلاء المعيشة، وإذا كان لا بد للجهات المانحة أن تدعم الكادرات التعليمية فيفترض أن يكون ذلك بالفريش دولار، كإعطاء 200 دولار للأستاذ ما قد يخفف شيئاً من معاناته».
المعاناة نفسها دفعت المعلمين للعزوف عن المشاركة في المدرسة الصيفية المستحدثة هذا العام، إذ لم تشارك سوى 22 ثانوية رسمية، أي 10 في المئة من الثانويات الرسمية في لبنان، و210 مدارس من أصل نحو 1000 مدرسة متوسطة وابتدائية، أي بنسبة لا تتجاوز 22 في المئة. جواد علق بأن المدرسة الصيفية كانت اختيارية ولم يكن على المعلمين أن ينتظروا الرابطة ليقرروا المشاركة من عدمها، في حين أن القرار بالنسبة إلى العام الدراسي هو «أننا لن نفتح الصفوف إذا لم تتحقق مطالبنا».
رابطة أساتذة التعليم الثانوي أبلغت هي الأخرى المجذوب بأن الأساتذة لن يستطيعوا العودة برواتبهم الهزيلة، والمديرين ليسوا قادرين على فتح ثانوياتهم من دون راتب مصحح وطبابة واستشفاء وبدل نقل يوازي ارتفاع أسعار المحروقات، وهي تعطي هذه المطالب أولوية على المطلب التربوي والمناهج، بحسب ما قال لـ «الأخبار» عضو الرابطة حيدر خليفة.
الأستاذ في التعليم الثانوي الرسمي طوني القارح قال إن «المطلوب منا في كل مرة تمرير الاستحقاقات التربوية، باللحم الحي، تماماً كما حصل مع التعليم عن بعد، وإنجاز شهادة الثانوية العامة من دون أن يلتفت أي من المسؤولين إلى مشاكلنا وتحدياتنا وكيف تمر علينا الأيام بالراتب المدوزن على الـ1500. إنها المطحنة التي في كل استحقاق تلعب على ضمير المعلم وقيمه، وتبتزه حتى تمرر استحقاقاتها ثم تلوذ بالصمت والعمى وتعود من جديد وتعزف نشيد الواجب الوطني لنعود وننتحر من جديد».
في المقابل، وضعت المدارس الخاصة تصوراً ليكون التعليم حضورياً بالكامل، إذ «لا يمكن تربوياً أن يبقى الطلاب خارج مدارسهم للسنة الثالثة على التوالي، فمعالجة الفاقد التعليمي، أي الكفايات غير المكتسبة في العام الدراسي الماضي تحتاج إلى تعويض بالتواصل المباشر»، كما قال لـ «الأخبار» منسق اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر. «لكن ذلك لا يمكن أن يتحقق من دون تذليل الصعوبات المتعلقة بالنقل والبنزين والمازوت والكهرباء والإنترنت وكلفة طباعة الكتاب المدرسي بالنظر إلى أن سعر الورق والحبر بالدولار».
هل فرضتم زيادات جديدة على الأقساط وهل أجرى الاتحاد دراسة حول نسبة هذه الزيادات؟ نصر أشار إلى أنه «ليست لدينا أرقام نهائية، والزيادة على الأقساط لا تزال قيد الدراسة وما يصلح الحديث عنه اليوم لا يصلح بعد شهر أي مع انطلاقة العام الدراسي، بالنظر إلى التذبذب في سعر صرف الليرة مقابل الدولار وتغير الأسعار بشكل دائم». وبحسب نصر، «تدرك إدارات المدارس عجز الأهل عن دفع الزيادات، لذا نطلب من الدولة تغطيتها، عبر دعم المعلمين إما من خزينتها أو من الجهات المانحة أو من الدول الصديقة أو من صندوق النقد الدولي».
وعن اقتراح لجان الأهل اعتماد سياسة التقشف في المدارس لا سيما لجهة تعليق بنود في الموازنة مثل الاستهلاكات والتجديد والتطوير وتعويض صاحب الرخصة وإدراج بعض الإيرادات في الموازنة مثل النقل والدكان والزي المدرسي والمساعدات والهبات، رأى نصر أن ترشيد الإنفاق «سياسة حكيمة ويجب اتباعها لكنها ليست الحل الجذري للأزمة».
نقابة المعلمين في المدارس الخاصة تتطلع إلى أن تحمل خطة الوزير حلولاً تمكن المعلمين من الحضور إلى صفوفهم، والدعم يمكن أن يأتي من الدولة والجهات المانحة والمؤسسات التربوية نفسها، إذ لا يزال قسم كبير من إدارات المدارس الخاصة يرفض تطبيق مندرجات قانون سلسلة الرتب والرواتب ويحرم الأساتذة من حقهم بالدرجات الست الاستثنائية.
«فتح المدارس حتمي»، هذا ما أكده لوزير التربية اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، وقد وضع تصوراً لجهة التركيز على الشفافية المالية في إعداد الموازنات باعتبار أن الجهات المانحة، وبحسب تقارير أعدتها في هذا الخصوص، لن تدفع قرشاً واحداً إذا لم يعتمد مبدأ المحاسبة والتدقيق، كذلك فإن لجان الأهل لن تقبل بزيادات على الأقساط غير مبررة قانوناً.
وفي تصوره، طالب الاتحاد، بحسب رئيسته لمى الزين الطويل، بضرورة العمل بسياسة تعاضدية وروح تعاونية بين جميع المكونات، إذ يمكن أن تأتي الحلول من إدارات المدارس نفسها مثل تعليق العمل ببعض بنود الموازنة، أو اقتصار أعمال الصيانة على الأمور الطارئة، وفتح باب التبرعات وإيراد هذه المساعدات في الموازنة، وإنشاء صندوق دعم في الوزارة لمساعدة الأهالي المتعثرين يمول من نسبة بسيطة من مجموع إيرادات المدارس المقتدرة (3 في المئة)، فيما تقدم المدارس المتعثرة قيودها للوزارة، إضافة إلى دعم الدولة للنقل المدرسي.
المصدر| فاتن الحاج – الأخبار