اكّد وزير الاقتصاد أمين سلام، المؤكّد، بأنّ لبنان لن يحصل على الدعم المالي من صندوق النقد الدولي قبل الانتخابات النيابية المقبلة، لافتاً الى انّ حجم الدعم مقدّر في المرحلة الاولى بحوالى ملياري دولار.
يقتصر دور الحكومة الحالية خلال ولايتها حتى آذار أو أيار 2022، على تحضير الأرضية لبدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتوحيد آراء الجهات المعنيّة من الدولة ومصرف لبنان والمصارف، حول خطة التعافي التي سيقترحها ويقدّمها لبنان الى صندوق النقد. ولا يسع الحكومة، الى حين التوصل الى اتفاق مع الصندوق حول برنامج إنقاذ معيّن وحصول لبنان على الدعم المالي، وهو الأمر المرجّح حصوله في النصف الثاني من العام 2022، في حال لم تؤد الاضطرابات السياسية والقضائية الحالية الى شلل حكومي، سوى ابتكار حلول مؤقتة وغير مستدامة لإدارة الأزمة وليس للخروج منها، من خلال توفير ما يشبه شبكة الأمان الاجتماعي، من خلال محاولة التعويض قدر المستطاع «وبالموجود» عن تراجع القدرة الشرائية للمواطنين بأكثر من 90 في المئة، عبر تقديم مساعدات اجتماعية ومِنح وسلفات شهرية للإجراء، للصمود في هذه المرحلة وتحمّل ارتفاع كلفة المعيشة.
في هذا الإطار، اعتبر مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي، انّ ما يحدث حالياً في لبنان هو تعديل اقتصادي ومالي عشوائي، سيستمر في إحداث المزيد من البؤس والمصاعب للمواطنين، موضحاً لـ«الجمهورية»، انّ صانعي السياسات في لبنان يجب ان يضعوا حداً لما وصفه بـ«الجنون»، والإسراع الى التفاوض على برنامج إنقاذ مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ونصحهم بعدم هدر المزيد من الوقت، في محاولة لتطوير خطة تعافٍ او برنامج إنقاذ خاص بهم «وعلى مقاسهم» من اجل التفاوض عليه مع صندوق النقد الدولي. واكّد انّ في كافة الدول التي توصلت مع صندوق النقد الدولي الى برنامج إنقاذ، قام خبراء الصندوق بإعداد البرنامج، عبر المفاوضات مع السلطات، وليس العكس. اضاف: «من الواضح أنّ السلطات اللبنانية ستحتاج الى تزويد صندوق النقد الدولي بمعلومات اقتصادية ومالية مفصّلة، وبالتدابير والسياسات التي تعتزم تنفيذها في كل قطاع».
وتابع: «والأهم من ذلك، إذا استمر مصرف لبنان والمصارف في اتخاذ نفس الموقف الذي اتخذاه بشأن خسائرهما أيام حكومة حسان دياب، فلن يتمكن لبنان من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي».
وشدّد المسؤول السابق في صندوق النقد الدولي على ضرورة أن يعي القادة السياسيون في لبنان، أنّ الحيَل المحاسبية التي يستخدمها مصرف لبنان والبنوك لتغطية خسائرهم لن تنجح في إطار برنامج صندوق النقد الدولي، «لأنّ هناك حقائق معينة لا يمكن إنكارها. مصرف لبنان مفلس ويحتاج إلى إعادة هيكلة كبرى. كذلك الامر بالنسبة الى النظام المصرفي بأكمله الذي يحتاج إلى إعادة هيكلة»، مؤكّداً انّه سيكون هناك لا محال اقتطاع haircut جدّي على الودائع. لافتاً الى نسبة الاقتطاع على الودائع لا يمكن تقديرها إلّا بعد إجراء تحليلات مفصّلة لميزانيات البنوك وإعادة جدولة الديون الحكومية.
وختم: «إذا لم يتوصل لبنان إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي قريباً، فسوف يدخل لبنان فترة من التضخم المصحوب بركود اقتصادي خطير stagflation، اي ارتفاع معدلات التضخم والبطالة مقابل انعدام النمو الاقتصادي. ومن المعلوم انّ كافة الحكومات تخشى من حصول هذا المزيج غير المؤاتي، والذي يشكّل معضلة لها، لأنّ معظم الإجراءات المصمّمة لخفض نسبة التضخم قد ترفع مستويات البطالة، والسياسات المصممة لخفض البطالة قد تؤدي إلى تفاقم التضخّم.
الجمهورية