الهلع يسيطر على العالم، فيروس مُستجد يُصنف جائحة عالمية، يخترق الحدود المغلقة ويحصد الأرواح تباعًا. يتجلى الهلع في الدول التي دخلها الفيروس، أو يوشك أن يدخلها، في شراء مواد الحماية. الحماية المقصودة التي فهمها العالم هي مواد التعقيم، والكمامات، والقفازات الطبيَّة. ومن زاد هلعهم إلى درجة توقع احتمال نهاية العالم قرروا ألا ينتهي العالم إلا وأرفف متاجر الطعام خاوية. لكن الشعب الأمريكي قرر أن هناك ما هو أهم من مواد التعقيم والطعام، فقرر أن البضاعة المثالية لهذه الفترة الكئيبة من تاريخ العالم ستكون: الأسلحة النارية.
2.8 مليون قطعة من السلاح بيعت منذ دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة مع فيروس كورونا. يزيد ذلك الرقم بنسبة 36% عن مبيعات الأسلحة في شهر يناير (كانون الأول) 2020. كما تُعد مبيعات فبراير (شباط)، وأوائل مارس (آذار)، من أكبر عمليات البيع التي تشهدها الولايات المتحدة منذ أربعة أعوام، وزاد الطلب على مواقع الأسلحة والذخيرة بنسبة 68%.
المُثير في تلك الزيادة أن أغلب المُشترين هم أشخاص يمتلكون سلاحًا ناريًّا للمرة الأولى في حياتهم. على الرغم من جموح شهوة التسلُّح التي يمتاز بها العديد من المواطنين الأمريكيين، ووجود مئات الدوافع، مثل عمليات السرقة والقتل العشوائي، لكن فئةً غير قليلة لم تقرر اقتناء سلاح إلا عند تفشي وباء، ورصدت بعض الصحف الأمريكية أن بعضًا من المشترين كانوا من رافضي اقتناء السلاح الناري، لكنّهم خضعوا للتوجه العام ولحالة الذعر المسيطرة على الغالبية.
متجر «وان ميسا»، أشهر متاجر الأسلحة في ولاية أريزونا، صرَّح بأنه لم يشهد أعدادًا مماثلة تشتري السلاح بشكل جماعي، وأكدّت متاجر أخرى في ولايات مختلفة أن مبيعاتها زادت بنسبة 100% كحد أدنى، وفي منطقة لوس أنجلوس كانت طوابير متاجر الأسلحة أكبر من نظيرتها الموجودة في محال البقالة. لاري حَيَاةْ، صاحب أكبر متجر سلاح في الولايات المتحدة، قال إن تلك هى المرة الثانية في حياته البالغة 61 عامًا التي يرى فيها إقبالًا جماعيًّا كهذا. المرة الأولى كانت عقب إطلاق النار الجماعي على إحدى المدارس الابتدائية عام 2012.
قرارات الأمريكيين التي جاءت بشكل جماعي رفعت أسهم شركات السلاح الأمريكية، في حين تراجعت أسهم العديد من قطاعات البورصة. يبدو تراجع البورصة أمرًا منطقيًّا في وجود فيروس قاتل يجتاح العالم بلا لقاح لمنعه، لكن الغريب أن ترتفع أسهم شركات السلاح. يبدو أن الأمريكيين يرون ما هو أسوأ من الفيروس، ويحاولون الاستعداد له مبكرًا.