من “إيلان” لبنان إلى شادي رمضان والعشرات الذين طرقوا باب الهجرة فحصدوا الموت والفقدان!

من “إيلان” لبنان إلى شادي رمضان والعشرات الذين طرقوا باب الهجرة فحصدوا الموت والفقدان!

- ‎فيالمحلية

اليأس وانقطاع الأمل من وطنهم دفعهم إلى اتخاذ قرار مواجهة الموت، فإما أن يقذف بهم البحر إلى برّ الأمان والعيش الكريم وإما الرحيل الأبدي عن هذه الارض… في قارب “المجهول” صعدوا وإلى مصيرهم ساروا، بين الأمل والخوف اختلطت مشاعرهم، ليجدوا ما لا يمكن لعقل أن يستوعبه؛ في عرض البحر علقوا، هاجمهم الموت قاضياً على بعضهم، فيما فُقد البعض الآخر، ومن كُتب له العيش حمل في ذاكرته مشاهد الرعب. إيلان لبنان حمله والداه، صعدا على ظهر المركب وكلهم أمل في الوصول به إلى أرضِ وطنٍ يحترم الإنسان، بلد يؤمّن له مستقبلاً زاهراً؛ لم يتوقعا أن يكون الموت بانتظاره، وأنّ أمام أعينهم سيلفظ آخر أنفاسه…

هو الطفل سفيان المحمد ابن بلدة البيرة ـ عكار، سكان القبة، الذي سلخه الفقر والقهر عن حضن والديه بعدما اضطرا إلى رميه في البحر؛ وبحسب ما قاله عبد الرحمن المحمد، ابن عم محمد والد سفيان: “لأن محمد عاطل عن العمل، ولأنه فقد الأمل في بلد عجز فيه حتى عن تأمين إيجار المنزل الذي يؤويه وعائلته اتخذ قرار الهجرة والمخاطرة، إلا أن ما حصل معه لا يصدقه عقل؛ توفي ابنه على متن المركب من الجوع والعطش والبرد، بعدما تاهوا لأيام في المياه، حتى أن زوجته الحامل كاد أن يخطفها الموت؛ لفظ ابن السنتين آخر أنفاسه، انتفخت جثته مع مرور الساعات ما دفع بوالده إلى حمله بين أحضانه، سبح به لمسافة قبل أن يترك فلذة كبده في المياه”.

عاد محمد المحمد وزوجته إلى لبنان بخسارة لا يمكن أن يعوضها الزمن، بعدما عثرت عليهم قوات اليونيفيل في المياه الدولية. ولفت عبد الرحمن إلى أن “محمد الآن في الحجر، في حين أن والدة سفيان في وضع يرثى له، فقد خسرت فرحتها وروحها في البحر، وبدلاً من أن تعثر على الراحة التي كانت تبحث عنها، فُرض عليها الألم لباقي العمر، وبعد أن شاهدت وحزنت على مشهد إيلان الذي غرق في البحر وعُثر عليه على الشواطئ التركية، أصبح سفيان إيلان لبنان.

مصير مجهول
شادي رمضان (32 سنة) واحد من الذين ضاقت بهم سبل الحياة في لبنان، بعد أن فقد عمله، كما قال والد زوجته مزهر لـ”النهار”، إذ شرح: “باع فرش بيته بخمسة ملايين ونصف المليون ليرة، دفع خمسةً منها إلى المهرّب، وضعَ زوجته وولديه لديَّ، لديه طفلة تبلغ من العمر سنتين، وولد عمره 4 أشهر، ودّعهم ورحل، وإلى الآن لا نعلم مصيره”.

وأضاف: “شهر ونصف الشهر وهو عاطل عن العمل بعدما كان يعمل في بيع البوظة في مركبة قبل أن يتم إيقافه ويغلق باب رزقه، فلم يجد أمامه سوى باب الهجرة غير الشرعية، لم يكن يملك ثمن عبوة حليب لولديه، كان حلمه العثور على كوّة أمل لمستقبل أفضل إلا أن ما حصل كارثة بكل ما للكلمة من معنى”.مجزرة رهيبة
قبل نحو أسبوعين انطلق موكب الموت من المنيه في #طرابلس، ولفت مزهر إلى أنّ “منتصف ليل الاثنين ما قبل الماضي كانت الخطوة الاولى نحو المأساة، كانت الوجهة إلى #قبرص، لكن من كان يقود المركب، وهو صياد، لا علاقة له بالمهربين، وعلى رأسهم أحمد صوفان من ببنين، وبعد أن كان أحمد قد أطلعه أن زورقاً سيكون بانتظارهم في البحر وسيزودهم بالمأكولات والمازوت، أدار لهم ظهره، ولم يبالِ بما يحصل معهم، وآخر اتصال بينه وبين الصياد أطلعه خلاله الأخير أنه لا يعلم الاتجاه والبوصلة التي يجب أن يسير عليها، قال له: سر عكس الشمس، وبعدها أغلق هاتفه، وقد ادّعينا عليه في النيابة العامة”، وأضاف: “8 أيام وهم في المياه، نفد المازوت، ولم يكن لديهم طعام ومياه، لأن المهربين رفضوا نقلها في المركب، وقد توفي بسبب ذلك نحو 5 أشخاص، وفُقد 16 والبقية عادوا وهم في وضع صعب “.


وبعد الحادث المأسوي ساد منطقة القبة ـ طرابلس غضب وقلق عارم وقطعٌ لعدد من الطرق، لا سيما بعد إعلان الناطق الرسمي باسم “اليونيفل” أندريا تننتي، أنّ “سفينة تابعة لقوة اليونيفل البحرية قامت بتحديد مكان قارب خارج المياه الإقليمية اللبنانية يحمل على متنه 37 شخصاً، ولسوء الحظ أن أحدهم كان قد توفي”. وقال: “الأولوية بالنسبة لجنود حفظ السلام التابعين لـ”اليونيفيل” تمثّلت في إنقاذ الـ36 شخصاً الباقين وضمان سلامتهم من خلال تقديم المساعدة الفورية. وقد أبلغت قوة “اليونيفيل” البحرية السلطات اللبنانية على الفور”.

النهار

اسرار شبارو