أعادت الحكومة فتح البلد اليوم، لأسباب إقتصادية باتت معروفة، ولتأمين بعض المنفعة لأصحاب المتاجر والمحال، بعدما باتت الضائقة المعيشية شديدة القساوة.
ولكن ما هو غير مفهوم، ولن يكون كذلك أبداً مهما كَثُرَت التبريرات والذّرائع، أسباب السّماح لدوائر المعاينة الميكانيكية بالعمل، حتى ولو كان ذلك وفق نظام المفرد والمزدوج للآليات، وبناءً على موعد مُسبَق.
فإذا قُمنا بتعداد بعض الأمور التي تحصل في تلك الدوائر، في العادة، لوجدنا أنها تشكّل ساحة مناسبة لنقل العدوى بفيروس “كورونا”.
فمن يضمن مثلاً، تعقيم ثياب وأيدي الموظّفين العاملين على اختبار السيارات في تلك الدوائر، قبل انتقالهم من سيارة الى أخرى، بالشّكل الدّائم والمطلوب والمستدام، وبلا أي تراخٍ؟
وإذا تخيّلنا أن “فاحصي” السيّارات لا يضعون قفّازات، لوجدنا أنّهم سينقلون العدوى بالفيروس من سيارة الى أخرى، بسهولة كبيرة. وحتى إذا افترضنا أنهم يضعونها (القفّازات)، فهل من يُراقب إذا ما كانوا سيبدّلونها بالفعل قبل تنقّلهم من سيارة الى أخرى؟
وأكثر، إذا أخذنا في الاعتبار أن بعض السيارات “رسبت”. فمن يضمن الحفاظ على الحماية الضرورية المتعلّقة بعدَم نقل العدوى، عندما تزدحم بعض محال الميكانيك المحيطة بدائرة المعاينة الميكانيكية، لإصلاح بعض ما تسبّب برسوب هذه السيّارة أو تلك؟
وانطلاقاً ممّا سبق، ألا يجدر إيقاف العمل بدوائر الميكانيك، في المرحلة الحالية على الأقلّ، ريثما يصل البلد الى مؤشّرات “وبائية” أفضل؟ وماذا عن الأحوال داخل المجمّعات التجارية، ومراكز السياحة البحرية؟ وهل من إمكانية لوجود توجّه رسمي باعتماد “مناعة القطيع” في لبنان؟
شدّد عضو كتلة “اللّقاء الديموقراطي” النائب الدكتور بلال عبدالله على أن “الدولة والناس معاً ما عادوا قادرين على أن يتحمّلوا الإبقاء على إجراءات “التعبئة العامة”، على الصعيدَيْن الإقتصادي والإجتماعي. ولذلك، كان يتوجّب الذهاب في اتّجاه تخفيض تدريجي لإجراءات “التعبئة”.
وأشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى أن “الفتح السريع للبلد، بالإضافة الى عدم التزام عدد غير قليل من اللّبنانيين بالوقاية الضرورية، قد يعرّضنا لإعادة انتشار الفيروس. وأي موجة من هذا النّوع ستكون قوية جدّاً في تلك الحالة، إذا لم يفهم الناس المعطيات التي اعتمدت عليها خلية الأزمة لإعادة الفتح، في شكل جيّد. ونحن على تواصُل دائم مع وزير الصحة في هذا الإطار”.
وقال:”الإعتبارات الإقتصادية والإجتماعية هي التي غلبت الآن. ويبدو أننا صرنا نعمل على طريقة بعض الدول الأوروبية. لا مشكلة في ذلك من حيث المبدأ، ولكن هذا يحتاج الى انتباه كبير لواقع أن أكثرية الشعب اللبناني لا تلتزم بإجراءات الوقاية الضرورية المطلوبة. وبالتالي، إذا عاد الفيروس الى الانتشار، فلن يكون سهلاً ضبطه”.
وردّاً على سؤال حول إمكانية اعتماد الدولة اللبنانية مبدأ “مناعة القطيع” التي هي معتمدة في الخارج، أجاب عبدالله:”نحتاج الى إجراءات قاسية جداً تدفع الناس الى الإلتزام كثيراً، وهذه كلّها تحتاج الى متابعة أيضاً، حتى لا يشعر الناس أن الفيروس انتهى. فالحقيقة أننا لا نزال في بداية الطريق”.
وأضاف:”الدولة تقوم بعملها وفقاً لتوصيات وزارة الصحة، التي تستند بدورها الى توصيات “منظمة الصحة العالمية”، ضمن خصوصية مجتمعنا”.
وتابع:”وضعنا الإقتصادي والإجتماعي منهار. الدولة لا يُمكنها مساعدة الناس، كما تفعل ذلك دول الخارج التي تساعد مواطنيها بمليارات الدولارات بعد كلّ ما حلّ بهم بسبب تفشّي “كورونا”، وهو ما يعني ضرورة السماح للناس بالعودة الى أعمالهم”.
وختم:”لا معلومات حول اعتماد “مناعة القطيع” لبنانياً، وهي وجهة نظر علمية في بعض الدول الأوروبية. ولكن كلفتها البشرية كبيرة جدّاً، من حيث ارتفاع نسبة الوفيات، والضغط على المؤسّسات الإستشفائية. ومن هنا، سنظلّ نمشي بين النّقاط بين تجديد الحَجْر الصحي، ومن ثم فكّه، بانتظار اللّقاح”.
اخبار اليوم