بعد الوعود “الكاذبة بالإصلاح” .. “صندوق النقد”: توقفوا عن خداعنا!‏

بعد الوعود “الكاذبة بالإصلاح” .. “صندوق النقد”: توقفوا عن خداعنا!‏

- ‎فيالمحلية

استؤنفت المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي، وفي أجواء غير مشجعة للصندوق.‏

وقال مطلعون على أجواء الصندوق لـ»الجمهورية»: ان الطريقة التي يتعامل فيها الجانب ‏اللبناني مع المفاوضات مع صندوق النقد، لن تسرّع في الوصول الى اتفاق على برنامج دعم من ‏الصندوق، بل على هذا المنوال ستستغرق المفاوضات سنوات وليس عدة أشهر، علماً انّ ‏صندوق النقد لا يهوى تضييع الوقت في اجتماعات تدور في حلقة مفرغة، وبات من الالزام على ‏الجانب اللبناني ان يتقدم من الصندوق بأرقام موحدة للخسائر.‏

ولفت هؤلاء الى «انّ صندوق النقد يرفض تضييع الوقت، وبالتالي لن ينتظر طويلاً. لذلك انّ ‏على الجانب اللبناني أن يعتبر نفسه امام فرصة اخيرة لحسم موقفه واعتماد المقاربة العلمية ‏والدقيقة في كل ما يتم طرحه، والّا لن يكون امام الصندوق سوى تعليق المفاوضات، إن لم يكن ‏وقفها.»‏

اسئلة “كهربائية”‏

‏ ووُضع ملف قطاع الكهرباء على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي في جلسة ‏خُصّصت للتباحث في الإجراءات التي ستتخذها الحكومة اللبنانية لإصلاح القطاع، فكان لوفد ‏الصندوق “لائحة كبيرة من الاسئلة والاستفسارات” حيال هذا الملف، وفق ما نقلت مصادر ‏المجتمعين لـ”نداء الوطن”، موضحةً أنه “وبعد الثناء على تحريك عجلة الإجراءات الواجب ‏اتخاذها مع اتخاذ قرار تعيين مجلس إدارة جديد لكهرباء لبنان، غير أنّ الوفد الدولي كان واضحاً ‏في وصف هذا القرار بـ”الخطوة الناقصة” التي يجب استكمالها واستتباعها بخطوات جريئة، ‏وتوقف مفاوضو صندوق النقد بشكل رئيسي عند مسألة تعيين الهيئة الناظمة وسألوا عن مبررات ‏التأخير في تشكيلها، بالتوازي مع الاستفسار كذلك عن ماهية التعديلات التي ينوي رئيس “التيار ‏الوطني الحر” جبران باسيل إدخالها على هذه الهيئة وصلاحياتها مع التركيز في هذا المجال على ‏القانون 462 الناظم لقطاع الكهرباء وما هو مطروح للتعديل عليه”.‏

وإذ كان لافتاً للانتباه أنّ “وفد الصندوق الدولي بدا ملماً بأدق التفاصيل المتصلة بملف الكهرباء”، ‏تضيف المصادر: “طرحوا أسئلة جد محورية سواءً حول خطة وزارة الطاقة أو حيال توجهات ‏الحكومة وبرنامجها لتنفيذ ما هو مطلوب منها لخفض عجز الكهرباء، فضلاً عن إثارة عدة نقاط ‏أخرى متعلقة بمختلف جوانب الاصلاحات المنتظرة”. وختمت: “سمعنا كلاماً خلال الاجتماع ‏مفاده أنّ الصندوق لم يعد يؤمن بالكلام والوعود بل يريد أن يرى أفعالاً ولا شيء سوى ‏الأفعال”، وفي نهاية النقاش تم الاتفاق على عقد اجتماع جديد الأسبوع المقبل “لاستكمال النقاش ‏واستعراض المراحل التي وصلت إليها الحكومة في مسيرة إصلاح الكهرباء”.‏

ويقول مصدر مطلع على المفاوضات لـ”اللواء” “على الطبقة السياسية أن تفهم أن زمن التسوّل ‏انتهى ولم تعد تنطلي على أحد الوعود الكاذبة بالإصلاح”. ويقول مصدر غربي مطلع على ‏مضمون المحادثات رفض الكشف عن هويته، إن جلسة التفاوض الأخيرة “سارت بشكل سيئ ‏للغاية” وانتهت بطلب صندوق النقد من الوفد اللبناني “التوقّف عن خداعنا”. ويروي أن الوزير ‏المالية غازي وزني حاول احتواء التوتر بطلب الانتقال للبحث في نقطة أخرى، فأتاه الجواب ‏‏”ليس هناك من نقطة تالية”. ويطالب الصندوق الحكومة باتخاذ تدابير سريعة بينها تحرير سعر ‏الصرف والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان وتقييد الرساميل بشكل رسمي، بحسب ‏المصادر. ومنذ انطلاق المفاوضات، ارتفع سعر الصرف من أربعة آلاف الى تسعة آلاف مقابل ‏الدولار في السوق السوداء، فيما تفرض المصارف قيوداً مشددة على الودائع وتمنع الزبائن من ‏سحب دولاراتهم.‏

ولكن ماذا لو لم يحصل لبنان على دعم صندوق النقد؟ يجيب المصدر الغربي “لا أرى ما الذي ‏يمكن أن يشكل بديلاً عن مساعدة من الصندوق… فالبلد ينهار، والليرة كذلك، بينما المسؤولون ‏في حالة إنكار”. ويطمح لبنان إلى الحصول على دعم خارجي بأكثر من 20 مليار دولار، بينها ‏‏11 ملياراً أقرها مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في 2018 مشترطاً إصلاحات. ويجزم ‏المصدر الغربي أن أحداً من المانحين لن يستثمر في لبنان في ظل عملة غير مستقرة وبلا ‏برنامج مع صندوق النقد. ويقول “توقيع صندوق النقد هو ما سيعيد تصحيح السمعة”.‏

في السياق المالي، قالت تليمر في تقرير بحثي إن سندات لبنان الدولية التي يجري بالفعل تداولها ‏عند بعض أدنى مستويات السندات السيادية في العالم قد تتكبد مزيدا من النزول إذا استمر الوضع ‏من دون دعم من صندوق النقد الدولي وتنفيذ إصلاحات.‏

وقال باتريك كوران، وهو اقتصادي كبير بشركة أبحاث الاستثمار وأحد معدي التقرير، إن ‏مخاطر سندات لبنان الدولية تميل نحو الجانب السلبي.‏

أضاف في تصريحات أرسلت بالبريد الإلكتروني “كلما طال أمد هذا الجمود، ازدادت صعوبة ‏تطبيق الإصلاحات المطلوبة والحصول على دعم صندوق النقد الدولي… إذا لم يستطيعوا فعل ‏ذلك، هناك بالتأكيد خطر حدوث مزيد من التراجع للسندات الدولية. حتى حال موافقتهم على ‏إعادة هيكلة وبرنامج من صندوق النقد الدولي، فسيحتاجون لأن يظلوا ملتزمين بإصلاحات لفترة ‏طويلة من أجل وضع الديون على مسار مستدام”.‏

كما ذكرت تليمر أنه في ظل أسوأ التصورات، والذي ينطوي على شروع الحكومة في إعادة ‏هيكلة دينها ومد آجال الاستحقاق لخمس سنوات لكن دون المضي قدما في الإصلاحات، يمكن أن ‏تنخفض السندات المستحقة في 2025، والتي يجري حاليا تداولها عند 16.8 سنتاً، إلى 7.8 ‏سنتاً.‏

وأوضحت أنه في ذلك الوضع، سيواجه حملة السندات الدولية خفض قيمة بنسبة 75 بالمئة، في ‏حين سيواجه حائزو السندات المحلية خفض قيمة نسبته 40 بالمئة مع عائد عند التخارج بنسبة ‏‏15 بالمئة.‏

والعائد عند التخارج هو توقع السوق لقيمة سندات سيادية بعد إعادة هيكلة.‏

ولفتت الى أنه في ظل أفضل التصورات، وهو عندما تلتزم الحكومة بتعديل المنظومة السياسية ‏وتنفيذ الإصلاحات، فقد تقفز السندات إلى نحو 26 سنتا.‏

وفي ظل تلك الظروف، سيتكبد حملة السندات الدولية خفض قيمة بنسبة 60 بالمئة مقارنة مع ‏‏30 بالمئة بالنسبة لحائزي السندات المحلية. وسيكون العائد عند التخارج 13 بالمئة.‏

المركزية ‏