في رسالة “نادرة” تحمل لهجة المعارضة الحادة للرئيس فلاديمير بوتين، حذر عسكري روسي بارز من مغبة غزو أوكرانيا، وذلك مع استمرار التوتر بين موسكو والغرب بشأن الملف الشائك.
وحذر رئيس جمعية الضباط لعموم روسيا ليونيد إيفاشوف، من عواقب غزو أوكرانيا، متهما الرئيس بإثارة صراع “مصطنع” لصرف الانتباه عن المشاكل الداخلية في روسيا.
وكتب إيفاشوف رسالة مفتوحة وجه فيها انتقادات لاذعة لسياسات بوتين، وقال إن الرئيس “يسعى للدخول في حرب رغم أن موسكو لا تواجه أي تهديدات خطيرة”.
وقال المسؤول العسكري البارز في رسالته التي نشرتها وسائل إعلام غربية، إنه يخشى من أن تصبح روسيا “منبوذة من المجتمع الدولي” إن شنت غزوا على أوكرانيا.
وأشار إلى أن “التهديدات الخارجية موجودة بالتأكيد، لكن وفقاً لتقييم الخبراء العسكريين فإنها ليست حرجة حاليا، ولا تهدد بشكل مباشر وجود روسيا أو مصالحها الحيوية”.
واعتبر أن “الوضع المتفجر على الحدود بين روسيا وأوكرانيا هو في المقام الأول مصطنع”.
ووفقا لرسالة إيفاشوف، فإن “أوكرانيا لها الحق في الدفاع عن نفسها كدولة مستقلة”، مما ينذر بحرب “قد تؤدي إلى فقدان عشرات الآلاف من الأرواح” وفقا لتعبيره.
وتابع: “في ساحة المعركة، لن تواجه القوات الروسية فقط العسكريين الأوكرانيين، ومن بينهم العديد من الرجال الروس، فقط، لكن أيضا قوات ومعدات من العديد من دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، حيث ستكون الدول الأعضاء في الحلف ملزمة بذلك. نحن بذلك نعلن الحرب على روسيا”.
وتأتي تحذيرات الجنرال الروسي تزامنا مع محادثات مرتقبة بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وبوتين في موسكو، الاثنين، لمحاولة تهدئة الوضع المتوتر بشأن أوكرانيا.
وإيفاشوف هو جنرال متقاعد، شغل منصب رئيس التعاون العسكري في وزارة الدفاع الروسية وكان مقرباً من بوتين،
وأثار حشد روسيا نحو 100 ألف جندي بالقرب من أوكرانيا مخاوف لدى الغرب من شن هجوم عسكري، حيث حذر مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الأحد، من أن روسيا قد تغزو أوكرانيا “في أي يوم”، ما سيؤدي إلى صراع قد تكون تكلفته البشرية هائلة.
من ناحية أخرى، كتبت سكاي نيوز:
رصدت تقارير أميركية سيناريوهات للغزو الروسي المفترض لأوكرانيا، بما في ذلك الفترة التي يمكن أن تسقط خلالها كييف، إضافة إلى عدد القتلى من الجانبين (الروسي والأوكرانيين) وعدد اللاجئين المحتملين
.
وطبقاً لما نقلته قناة “فوكس نيوز” عن مصادر في الكونغرس الأميركي، فإن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، أخبر المشرعين بأن “كييف قد تسقط في غضون 72 ساعة إذا حدث غزو روسي واسع النطاق لأوكرانيا”.
وذكرت القناة في تقرير لها عبر موقعها أن “ميلي أخبر المشرعين خلال جلسات إحاطة مغلقة يومي الثاني والثالث من شهر شباط الجاري أن غزواً روسياً واسع النطاق لأوكرانيا قد يؤدي إلى سقوط كييف في غضون 72 ساعة، وقد يكلف 15 ألف جندي أوكراني قتلى و 4000 جندي روسي (بإجمالي 19 ألف قتيل من
وأفادت بأن “عددا من المشرعين عبروا عن قلقهم من أن إدارة الرئيس جو بايدن لم تستجب بسرعة لتزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية كبيرة، مثل أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات وقاذفات الصواريخ التي ستدافع ضد أي غزو من روسيا”.
ورد مسؤولون بإدارة بايدن في الاجتماعات على هذه المخاوف بالقول إن “إمدادات كبيرة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا يمكن استخدامها كسبب لغزو أوكرانيا”.
وبينما تلقت أوكرانيا مساعدة أمنية من الولايات المتحدة من خلال تخصيص 200 مليون دولار في ديسمبر، فإنها تلقت أيضًا 600 مليون دولار كمساعدة من المملكة المتحدة ودول البلطيق، والتي تعتمد عليها الدولة بشدة وتشمل صواريخ “جافلين” المضادة للدبابات وصواريخ “ستينغر” المحمولة المضادة للطائرات من طراز “أقدم”.
ونقل تقرير القناة عن مصدر مطلع قوله إن “الولايات المتحدة تعمل أيضاً على الاستعداد لأزمة لاجئين ومهاجرين كبيرة.. يقود الحلفاء الأوروبيون أيضاً مناقشات حول الإسكان وتدفقات المهاجرين على افتراض أن المواطنين الأوكرانيين سوف يفرون إلى أجزاء أخرى من أوروبا”.
استنكار روسي.. ورد أميركي
يأتي ذلك في وقت تنفي فيه موسكو نيتها اقتحام أوكرانيا، وذكر مسؤولون روس من بينهم سكرتير مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، أن موسكو لا تشكل تهديداً على أوكرانيا، وهي التصريحات التي قللت فيها موسكو من الدعاية والحشد الأميركي بخصوص اقتحام وشيك لأوكرانيا من جانب روسيا
.
لكن المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، قالت في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية” تعليقاً على ذلك: “للأسف هناك حملة روسية للتأثير على الموقف.. هناك العديد من المعلومات المضللة من قبل الحكومة الروسية.. هذه التصريحات الروسية لا تتماشى مع أفعال روسيا على أرض الواقع”.
وتابعت: “على أرض الواقع هناك حشد عسكري روسي كبير على الحدود مع أوكرانيا.. روسيا هي المعتدية، والولايات المتحدة تعمل على بناء قدرات أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.. العدوانية الروسية لا تقتصر على الولايات المتحدة فحسب، بل إنها تهدد أمن واستقرار المجتمع الدولي ككل”.
حشد روسي
وفي السياق، نقل تقرير لـ”سي إن إن” أمس الأحد، عن مسؤولين أميركيين مطلعين، قولهم إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حشد الآن 70 بالمئة من الأفراد العسكريين والأسلحة على حدود أوكرانيا. وأفاد التقرير بأن الرقم المذكور “هو تقدير يستند إلى أحدث التقييمات الاستخباراتية”.
وذكر التقرير أن التكلفة البشرية الناجمة عن اقتحام روسيا لأوكرانيا قد تكون فادحة. وتشير بعض التقييمات إلى أن الخسائر في صفوف المدنيين في أوكرانيا قد تصل إلى عشرات الآلاف مع ما يصل إلى خمسة ملايين لاجئ. فيما يحاول المسؤولون الأميركيون رسم صورة للنتائج الوخيمة المحتملة والمخاطر التي يمثلها بوتين.