لأنه مسؤول عن عائلة مؤلفة من أربعة أولاد وحفيدة، يحتاجون إلى طعام وشراب وحاجيات، في دولة اتخذت قرار الحجر المنزلي من دون أن تهتم بالطبقة الفقيرة والعمال المياومين الذين لا يمكنهم تأمين قوت يومهم إذا لم يتوجهوا إلى أعمالهم. لم يجد سليم خدوج بداً من المخاطرة بنفسه في زمن الكورونا. خرج من بيته ليعمل على سيارة الأجرة، وما إن وصل مع الركاب إلى أوتوستراد المدينة الرياضية، حتى فوجئ، كما قالت زوجته، بدرّاج يوقفه ويقوم بتسطير محضر ضبط بحقه قيمته 3 ملايين ليرة، أما السبب فوجود 3 ركاب في مركبته بدلاً من اثنين”. وهو ما اعتبره رجل الأمن خرقاً للقانون وخطة التعبئة الهادفة الى الحدّ من انتشار كورونا.
لم يتمالك ابن بلدة ميس الجبل أعصابه، فهو الذي يسعى لجمع عشرين ألف ليرة في اليوم لا تكفيه حتى ثمن حليب وحفاضات وغداء لعائلته، وإذ يقع على كاهله مبلغ “مخيف” يحتاج عمراً لتجميعه، عندها، كما قالت زوجته، “طلب من العنصر الأمني التراجع عن قراره وإلا سيحرق سيارته.
لم يبالِ الشرطي، وقال له احرقها، فما كان من سليم إلا أن أقدم على هذه الخطوة، بعدما انهارت أعصابه نتيجة الضغط النفسي الذي يمرّ به كما باقي اللبنانيين”. وشرحت: “قسط سيارته مع اللوحة العمومية 950 دولاراً في الشهر، وهو مكسور على 3 أقساط، كما أن إيجار منزلنا في الشويفات 500 ألف ليرة، وفوق هذا، عليه تأمين الطعام والشراب. ضاقت الدنيا به بعد الذي حصل معه، انفجر سخطاً وغضباً على حاله وعلى دولة لا تجد أمامها سوى الفقير لتطبيق القانون عليه، في حين أنها مقصّرة في حق الشعب، فلو أمّنت لنا الطعام والشراب وحاجياتنا كما فعلت باقي دول العالم، لما اضطرّ زوجي إلى الخروج من المنزل للعمل وتعريض نفسه لإمكانية التقاط العدوى”.
زوجة سليم تخشى عليه بعد انتهاء التحقيق معه وعودته إلى المنزل من أن يصاب بذبحة قلبية حين يرى ما حلّ بسيارته، وأن مصدر رزقه الوحيد تلاشى في لحظة غضب حيث قالت: “من أين سيسدّد أقساطها الآن؟ وكيف لنا أن نعيش؟ لا بل حين يجد سليم نفسه من دون سيارة يعمل عليها قد يصيبه الشلل، أطلب من أهل الخير أن يقفوا إلى جانبنا في هذه المحنة وأن يساعدونا في هذه الأوقات العصبية، لكي يعاود زوجي العمل ولا نخسره إلى الأبد”.
النهار