وداعاً لمخزون المستلزمات الطبّية!

وداعاً لمخزون المستلزمات الطبّية!

- ‎فيالمحلية

وداعاً لمخزون المستلزمات الطبّية!

لم يعد قياس المستلزمات الطبيّة يُركّب حسب قياس شريان القلب أو الأعضاء المتضرّرة في جسم المريض، ولم تعد الإبرة الملونة التي تستخدم في بعض الصور أو الفحوصات متوفّرة عند الحاجة اليها وكذلك بطارية القلب…بل بات يتمّ اختيار المريض المناسب لما تبقى من قياسات متوفّرة لدى المستشفيات.
“لبنان مستشفى الشرق” كما كانت تليق التسمية به، كونه قبلة الدول العربية والخليجية للطبابة والإستشفاء نظراً الى مستواه العالمي المرتفع من جسم طبي وآلات مخبرية وصورية متقدّمة. ما يجعله مقصداً للسياحة الإستشفائية، ها هو اليوم يتلاشى بل ينهار على وقع الإنحدار المستمرّ فهو بات ينقصه الدواء والأطباء وطواقم تقنية وإدارية وتمريضية، ومستلزمات طبية وأوكسيجين وكهرباء… بسبب قلّة المازوت.
باتت المستشفيات تئنّ وتستنجد ولا أحد يستجيب، مثلها مثل سائر القطاعات الحيوية، ويوضح رئيس نقابة اصحاب المستشفيات في لبنان سليمان هارون لـ”نداء الوطن”، أن “المستشفيات تفتقد اليوم بعض القياسات في الجراحات التي تتعلق بالعظام، وكذلك في عمليات تمييل شرايين القلب من راسورات… وكذلك الإبر الملوّنة التي تستخدم في مختبرات الأشّعة وخلال عمليات تمييل القلب، فباتت شبه مقطوعة، ما يجبرنا على عدم إجراء الفحوصات الا للحالات الطارئة جداً جداً وذلك خوفاً من انقطاعها كلياً”.
وفضلاً طبعاً عن كلّ ذلك يأتي نقص الكواشف المخبرية وهي عبارة عن مواد كيماوية تُستخدم في التحاليل المخبرية، التي كانت مقطوعة فاقتصر استخدامها من قبل المستشفيات على مرضاها فقط، بعد أن أقفل البعض منها مختبراته الخارجية. وجديد المستلزمات التي تفتقدها السوق كما كشفت رئيسة نقابة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي لـ”نداء الوطن”، هي “بطاريات القلب التي تستوجب على المريض أن يحور ويدور في كل أرجاء لبنان كي يجد القياس الخاص به لقلبه”.
إن عدم تسديد مصرف لبنان للمستلزمات الطبيّة والذي يعتبر مقدّمة لرفع الدعم النهائي عليها علماً أنها لا تزال تحتسب وفق سعر 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، يضع القطاع الصحّي والإستشفائي في وضع حرج وغير قادر على تلبية حاجات المرضى كما كان الوضع عليه في الأيام “الطبيعية” السابقة وكما هو معهود.
أسباب نفاد المستلزمات
فما هي الأسباب الفعلية وراء نقصان المستلزمات الطبيّة وما هي الحلول؟
عزت عاصي سبب فقدان المستلزمات الطبية الى مشكلتين أساسيتين وهما:
أوّلاً، تراكم الفواتير المستحقة للمورّدين في الخارج والتي لا تُدفع من مصرف لبنان، فتوقف المورّد عن تسليم البضاعة حتى ولو سدّد المستورد كلفة الشحنة “كاش”، لأنه يريد الحصول على مستحقاته أولا.
ثانياً، قرار مصرف لبنان بالحصول على موافقة مسبقة من وزارة الصحّة قبل استيراد المستلزمات الطبية في أيار الماضي.
فالحصول على موافقة مسبقة لاستيراد المستلزمات الطبيّة، هو إجراء غير معترف به من قبل المصرف التجاري الذي ينتظر قرار الموافقة المسبقة الـ pre-approval من مصرف لبنان للتمكن من الإستيراد، وبدوره البنك المركزي لا يعطي أي موافقة منذ أيار الماضي فنفد المخزون وأفرغ السوق من المستلزمات الطبية، ووصلنا الى ما نحن عليه اليوم من نقص في المستلزمات”.

وفي هذا السياق أكّد هارون أن “المستشفيات لا تدري ما اذا كانت المستلزمات الطبيّة موجودة أم لا لدى الشركات وتتقاعس عن تسليمها لهم”.

المستلزمات المدعومة
وبالنسبة الى المستلزمات المدعومة، أشار الى أنه “بدلاً من أن يتمّ تسديد المستلزمات الطبية على أساس 3900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، تطلب الشركات من المستشفيات دفع نسبة 15% “فريش” Fresh money وفق تسعيرة الدولار في السوق السوداء بدل الحصول على شيك بالدولار وفق تسعيرة الـ3900 ليرة. أي عندما يكون سعر صرف الدولار بقيمة 20 ألف ليرة يصبح سعر المستلزم الطبّي 3 أضعاف أكثر ممّا هو عليه السعر الرسمي وفق لائحة الضمان ووزارة الصحّة. هذا طبعاً عدا المستلزمات غير المدعومة التي يتمّ تسديد سعرها نقداً بالدولار بنسبة 100 في المئة”. والى ذلك، نفى هارون علم إدارة المستشفيات ما اذا كانت البضاعة التي تحصل عليها مدعومة أم لا . وقال “سبق أن أرسلت النقابة كتاباً الى حاكم مصرف لبنان لتسليمها لائحة بالمستلزمات المدعومة وتلك غير المدعومة لعدم إفساح المجال للتجّار لبيع البضاعة المدعومة على أساس أنّها غير مدعومة لأن سعرها يكون أغلى بـ10 أضعاف وحتى أكثر”.
واعتبر أن “هذا الأمر يرفع الكلفة في المستشفيات، ويقع عبئها على المريض الذي يتحمّل الفارق أكان مريض الضمان الإجتماعي أو أي جهة ضامنة رسمية أخرى أو حتى اذا كان مضموناً لدى شركة تأمين خاصة. وفاتورة الفروقات باهظة ويعجز المواطن في الحالتين الإقتصادية والمالية التي يتخبّط بها عن تسديدها”.
تقديمات المستشفيات تتراجع
أما عن تأثير ظاهرة هجرة الكادر الطبي والتمريضي، الذي يتزايد الى الخارج، فأوضح هارون أن “رقعة الهجرة توسّعت لتشمل جميع العاملين في المستشفيات من مهندسين للمعدات الطبية، إداريين فنّيي مختبر وأشعة، ما يؤثّر على تقديمات المستشفيات ومستوى الجودة”. وأضاف: “سبق أن حذّرنا مراراً من تداعيات تلك الهجرة، ونتخوّف اليوم من موجة جديدة لـ”كورونا”، عندها ستواجه المستشفيات صعوبة كبيرة في استيعاب أعداد من المرضى بالحجم الذي كان الوضع عليه في الموجة السابقة التي عايشناها في فصل الشتاء”.
وفي ما يتعلّق بالحلول لتلك المعضلة، لا مجال سوى برفع الدعم واستعادة الإستيراد بالدولار الكاش وفق سعر صرف السوق السوداء الذي سيؤدّي، ان حلّ مشكلة نقص المستلزمات، الى حصول ضغط على العملة الخضراء النادرة ويرفع سعر الدولار وفاتورة الفارق التي تترتّب على المريض الفقير، الضحيّة المستدامة لأزمتنا المالية والإقتصادية، والتي هي اليوم ومع السعر المدعوم وفق الـ3900 ليرة للدولار باهظة جداً!!.
فاتورة الدواء والمستلزمات
بلغت فاتورة الدواء والمستلزمات الطبيّة للنصف الأول من سنة 2021 كما أعلن «مصرف لبنان سابقاً والتي حظيت باعتراض بعض أصحاب الشأن :
536 مليون دولار أميركي للفواتير المسدّدة لغاية 30/6/2021.
445 مليون دولار للفواتير العالقة لغاية 30/6/2021 .
460 مليون دولار للفواتير المقدّمة للموافقة المسبقة عليها.

باتريسيا جلاد _نداء الوطن