علي الإبريق من النضال في ساحات الثورة الى الهجرة: هل فقد جيل الشباب الأمل؟

علي الإبريق من النضال في ساحات الثورة الى الهجرة: هل فقد جيل الشباب الأمل؟

- ‎فيأخبار صيداوية

حزم الناشط في “حراك صيدا” علي الإبريق حقائبه، وغادر لبنان، طلباً للجوء في احدى الدول الأوروبية، بعدما ضاقت به سبل العيش في بلده لبنان، مُترنّحاً مثل أترابه من جيل الشباب تحت وطأة الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة، والغلاء وارتفاع الأسعار وصرف الدولار الأميركي الذي أكل الأخضر واليابس، وترك الناس وراءه يعانون من الفقر المُدقع والجوع والبطالة، وأحيانا الذلّ.

هجرة علي، أحدثت ضجّة في المدينة التي عرفته من الناشطين الدائمين في ساحة الثورة في “ايليا” منذ اندلاع الثورة الشعبية في تشرين الاول الماضي، ومن المبادرين الى تخفيف مُعاناة العائلات الفقيرة والمُتعفّفة مع جائحة “كورونا”، حيث اطلق مع ثلة من زملائه بعيداً من الاضواء، حملات الخير، من ربطة الخبز، الى الدواء والحصص التموينية، الى الفرن المجّاني ومناقيش الزعتر، فسبقته سيرته العطرة الى احياء صيدا القديمة، الفيلات، التعمير ومختلف الأحياء الشعبية في المدينة.

وداع مؤثر

لحظة الوداع عند مغادرته لبنان عبر مطار رفيق الحريري كانت مؤثّرة، مُردّداً “آن أوان الإستراحة، لقد نزلنا الى الشوارع والساحات كثيراً، طالبنا واعتُقلنا ودخلنا الى المستشفى”، قائِلاً: “بعض المراحل في الحياة حلوة وخصوصاً النضال من أجل الدفاع عن حقوق الناس”، مُضيفاً: “عندي نقمة على مسؤولي البلد الذين لم يُقدّموا شيئاً لنا كي نبقى هنا، في حياتي لم أسافر وقليلاً ما أُغادر صيدا، ومثلما ناضلت للوطن أريد أن اعيش كإنسان، أتمتّع بالحرية وأنام مُرتاحاً ولا يحصل معي شيء سيّئ، صارت الهجرة امراً واقعاً، كنا نقول راح نبقى وهم يفلّوا، إنعكست الآية”. ولدى وصوله الى محطته الاولى، كتب علي على فيسبوك “بالمبدأ أنا بألف خير ومن أول يوم بقول الله يريّحكن من لبنان مقبرة الأحلام وحا أتواصل مع الكلّ وطمّنكن”، مُضيفاً: “أجمل شي صار بهالفترة هوي قديش عطيتوني حب وإهتمام وحنان. قدّيش عطيتوني كتير لصحّتي النفسية وانعشتم مشاعري، كل هالشي دين برقبتي لأخر نفس. بحبكن كتير كتير”.

صديق الانتفاضة

ويقول رفيق علي، علاء عنتر لـ”نداء الوطن”: “لحظة وداع علي كانت مؤثرة، بكينا على فراقه، فالوداع صعب وفيه غصّة، خصوصاً واننا ناضلنا معاً من أجل تحقيق أهدافنا وأحلامنا في بناء وطن العدالة، والعيش بكرامة وحرية، رفعنا الصوت عالياً، ولكنّ آذان المسؤولين صمّاء، وصلنا الى مرحلة تعبنا فيها، ولكننا سنبقى نرفض الجوع والمذلّة، بدأت أحلامنا تتحطّم امام الفساد والسمسرات، وبدأنا جدّياً نفكر بالهجرة الواحد تلو الآخر وانا منهم، بعدما كانت قناعتنا البقاء في الوطن مهما كانت الصعوبات، نتيجة اداء المسؤولين وعدم مبالاتهم بطموحات الشباب”، قائلاً: “ودّعنا علي، وهو ليس صديق الإنتفاضة، بل صديق الطفولة ايضاً والأخ الكبير وصاحب القلب الطيب والحنون، علي هاجر وترك البلد، الله يسهل امره ويحميه ويكون معه بكل خطوة، ما بيستاهل الإ كل خير وهذا البلد “بطّل” لنا، انا زعلان لكن بنفس الوقت مبسوط لانه تخلص من البلد الذي دمرنا وقرفنا وضيع مستقبلنا، الحق معك لأن العيش بهكذا بلد صعب كثير”.

وفي خطوة لافتة، نظّم ناشطون من حراك “صيدا تنتفض” وقفة احتجاجية امام المدخل الشمالي للسراي الحكومي، تحت شعار “لأنها من اهمّ مراكز الفساد”، ورفع المشاركون يافطات تدعو الى محاربة الفساد وتطالب “إرفعوا أيديكم عن إدارات الدولة ومؤسّساتها وأجهزتها”، و”ألف تحية لموظفي الدولة الشرفاء.. وألف لا لأزلام السلطة والفاسدين”، وتتساءل: “أين المال المنهوب؟”، “حطّمتم مستقبل الشباب”، “ايها الموظّف كم اصبح راتبك؟”، “عزيزي الموظّف في الدولة كن للمواطن سنداً وليس عليه”، “لا للتجّار الفجّار.. كفاكم فساداً”. واتّخذت القوى الأمنية اجراءات احترازية في المكان، من دون وقوع اي إشكال.

ووجّه المعتصمون كتاباً مفتوحاً إلى رئيس حكومة الأمر الواقع والوزراء الدمى المقنعة، وإلى محافظ الجنوب بصفته مُمثّلاً للحكومة، وفيه “لن نقبل بعد اليوم أن نراكم جالسين في مكاتبكم تتفرّجون على أهلنا وقد أصبحوا جائعين من شدّة الغلاء، وعطشى من انقطاع المياه، ويبيتون لياليهم في العتمة نتيجة التقنين الجائر للكهرباء. ومن موقعنا كمواطنين مقهورين، ندفع الضرائب للدولة ولا من يستجيب لمطالبنا، نسألكم: أين أصبحت المساعدات المُقرّرة للعائلات المتضررة؟ أين الماء والكهرباء؟ أين اهتمامكم بالمستشفى الحكومي والعاملين فيه؟ أين أنتم من الرشاوى في الدوائر العقارية؟ أين وزارة الاقتصاد؟ لماذا لا تراقب ارتفاع الأسعار؟ ونطالب بتشكيل لجنة تحقيق جدّية للوقوف على الفساد المستشري. ويا إخوتنا موظّفي الإدارات والمؤسسات العامة والأجهزة الأمنية ألف تحية لكم. أنتم في صلب الإنتفاضة، وأنتم طلائع المنتفضين في الشوارع والساحات منذ 17 تشرين وقبله. أما أزلام السلطة الغارقون في الفساد فنقول لهم: نحن نميّز جيداً بين من يسهر على خدمة المواطنين بأمانة ومسؤولية، وبين من يستهتر بهم ويبتزّهم. ونعدكم بأننا سنفضح بالأسماء كل المرتشين، مهما علت مراتبهم ومراكزهم”.

في المُقابل، أعرب العاملون في السراي عن استيائهم من تعميم تهمة الفساد، متسائيلن: “لمصلحة من تعميم هذه التهمة على الجميع”؟ مؤكدين ان “المطلوب تحديد مكامن ومواقع الفساد والإشارة اليها وليس التعميم”، قبل أن يتوافقوا على ردّ تمنّوا فيه “أن تكون وقفة ثوار “صيدا تنتفض” للتضامن مع موظّفي هذا المرفق الرسمي الذي صمد في أصعب المحطات والمراحل، وبقي موظّفوه، ولا يزالون يقدّمون أبهى صورة ومثالاً للعمل الإداري الرسمي في لبنان.

@ المصدر/ محمد دهشة – جريدة نداء الوطن